قالوا: لا يقاس الاستغاثة بالأنبياء والأولياء ودعائهم والنذر لهم على عبادة الأصنام والأحجار والأوثان التي لا مكانة لها ولا احترام لها عند الله ولا تضر ولا تنفع، لأن المشركين كانوا يعبدونها على أساس أنها تستقل بالنفع والضر، وأن لها تأثيرًا وشرفًا ذاتيًا وتدبيرًا، وأما نحن فنستغيث بالأنبياء والأولياء الذين لهم مكانة عند الله، وهم أحياء يعلمون ويسمعون. فأين هذا من ذاك؟
يجاب عن هذه الشبهة بما يلي:
إن هذه الشبهة تتضمن شبهات كثيرة
الأولى منها: أن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات عند الكربات ليست من العبادة فليست من الشرك بالله تعالى. ويجاب عن هذه الشبهة بما يلي:
هذا القول ناتج عن الانحراف في مفهوم العبادة، حيث حصرت العبادة لدى البعض في عدة أعمال ظاهرة كالصلاة والزكاة والصوم والحج ونحوها، وبعض الأعمال القلبية من اعتقاد الربوبية، وبناء على ذلك أخرجوا الدعاء والاستغاثة من مفهوم العبادة، فقالوا: إن الدعاء والاستغاثة، ونداء الأولياء وطلب المدد منهم عند البلاء ليست هذه الأمور من العبادة في شيء، ولا من الشرك بالله، لأن العبادة لا تتحقق إلا إذا اعتقد في غير الله القدرة الكاملة الذاتية والاستقلال بالنفع والضر، والربوبية، ونفوذ المشيئة لا محالة، وإذا كان الأمر كذلك فمن استغاث بالأولياء ودعاهم لدفع الضر وجلب النفع، وطلب منهم المدد فهو لم يعبد غير الله، وإذا لم يعبد غير الله لم يشرك به أيضًا.