وقال في موضع آخر:(فأعظم السيئات: جحود الخالق، والشرك به، وطلب النفس أن تكون شريكة وندًا له، أو أن تكون إلهًا من دونه، وكلا هذين وقع؛ فإن فرعون طلب أن يكون إلهًا معبودًا من دون الله تعالى ... وإبليس يطلب أن يُعبد ويطاع من دون الله، فيريد أن يعبد ويطاع هو، ولا يعبد الله ولا يطاع، وهذا الذي في فرعون وإبليس هو غاية الظلم والجهل).
وقال في موضع آخر:(بل الاستقراء يدل على أنه كلما كان الرجل أعظم استكبارًا عن عبادة الله كان أعظم إشراكًا بالله؛ لأنه كلما استكبر عن عبادة الله ازداد فقره وحاجته إلى المراد المحبوب الذي هو المقصود: مقصود القلب بالقصد الأول، فيكون مشركًا بما استعبده من ذلك).
وقال ابن القيم رحمه الله:(الشرك نوعان: أحدهما: شرك التعطيل، وهو أقبح أنواع الشرك، كشرك فرعون إذ قال: (وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ)، وقال تعالى مخبرًا عنه قوله لهامان:(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً)، والشرك والتعطيل متلازمان؛ فكل مشرك معطل، وكل معطل مشرك، لكن الشرك لا يستلزم أصل التعطيل، بل قد يكون المشرك مقرًا بالخالق سبحانه وصفاته، ولكنه عطل حق التوحيد، وأصل الشرك وقاعدته التي يرجع إليها: