للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحَكِيمُ، الْوَدُودُ،

ــ

إنك على كل شيء قدير.

وقوله: (الحكيم) ذو الحكمة، وهي عبارة عن كمال العلم وإحسان العمل والإتقان فيهما، وقد يطلق بمعنى العليم المحكِم، وقيل: مبالغة الحاكم، وقد يقال: الحكيم لمن يعلم حقائق الأشياء بحسن دقائق الصناعات، ويحكمها ويتقن صنعتها، والكمال في هذه المعاني ليس إلا للَّه وحده عزَّ وجلَّ، ومن حق من عرف أن اللَّه حكيم أن يرضى بحكمه، ويعرفَ أن يكون له فيه حكمةٌ بالغة وإن لم تظهر عليه فلا يعترض عليه، وأنه فاعل مختار حاكم على الإطلاق، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.

والتخلق به: أن يجتهد في تكميل القوة النظرية والعملية، ويُحْسن دقائق العلوم والصناعات مما يتعلق بتكميل نفسه، اللهم خصصنا بأسرار حكمتك، وأنوار رحمتك، ووفقنا لتكميل نفوسنا بمعرفة حقائق الأشياء الموجودات وأحوالها في مبدئها ومعادها، إنك أنت العليم الحكيم.

وقوله: (الودود) فعول من الودّ وهو المحبة أقواها وآكدها، بمعنى الفاعل أو المفعول، يود المؤمنين ويودونه، كما قال: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: ٥٤] أي: يرحمهم ويريد بهم الخير وينعم ويحسن إليهم ويمدحهم، ويودونه، أي: يطيعونه ويعظمونه ويهابونه ويذكرونه، والودود من عباد اللَّه من يريد لأخيه كل ما يريد لنفسه، بل يؤثرهم على نفسه، وكمال ذلك أن لا يمنعه عن الإيثار والإحسان الغضبُ والحقدُ وما ناله من الأذى، فيصلُ مَنْ قطعه، ويعطي من حرمه، وعفا عمن ظلمه.

اللهم يا ودود، ويا واهب الرشاد والسداد، نسألك من فضلك ورحمتك المحبة والوداد، وأن تجعل لنا من خالص ودّك نصيبًا، وأن تجعلنا من حزب من اتخذته عندك حبيبًا، وأن تقيمنا مع إخواننا في مقام التحابِّ والتواد، حتى نريد ونحب لهم ما نحب

<<  <  ج: ص:  >  >>