للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٠ - [١٢] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، . . . .

ــ

٩٠ - [١٢] (أبو هريرة) قوله: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) الفطرة: الشق، يقال: فطرته فانفطر أي: شققته فانشق، وفطر ناب البعير أي: طلع، فهو بعير فاطر، وتفطر أي تشقق، سيف فطار بالضم فيه تشقق، والخلق يقال: فطر اللَّه الخلق أي: خلقهم، والابتداء والإنشاء يقال: فطر الأمر: ابتدأه وأنشأه، والفطرة فعلة منه بمعنى الخلقة التي خلق عليها المولود، هذا معناها اللغوي.

وأما معنى الحديث وتأويله فقد ذكروا فيه وجوهًا متعددة، والمشهور منها أن المراد بالفطرة الدين الذي شرع وابتدئ، وخلق الأول مفطور من البشر، وهو التوحيد ودين الإسلام، وقد وقع في رواية: (ما من مولود إلا وهو على الملة)، وفي رواية الترمذي: (كل مولود يولد على الملة)، والملة هو دين الإسلام.

وتعقب هذا الوجه بأن قوله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠] ينافي هذا التأويل؛ لأنه لو كان المراد بالفطرة نفس الإسلام للزم من الحديث تبديل خلق اللَّه؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (فأبواه يهودانه)، اللهم إلا أن يراد بالتهويد الحكم عليه بالكفر في الدنيا بحسب الظاهر من جهة التبعية وعلة الجزئية مع وجود إسلامه حقيقة، أو يراد بقوله: (لا تبديل) لا ينبغي أن يبدل، وليس من شأنه أن يبدل، والخبر في معنى النهي.

وبأن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث موسى والخضر: (الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرًا)، وهو حديث صحيح، فكيف يكون كل مولود مفطورًا ومطبوعًا على الإسلام؟ وبأن الدين المعتد به من باب الإكساب، ولو كان من حكم الجبلة لم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>