للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كذلك، وبأن المولود لو ولد مسلمًا لم يجعله الشرع تبعًا لأبويه الكافرين في كفرهما، وقد حكم الشرع على ولدان المشركين بحكم المشركين.

فالصواب أن المراد بالفطرة التي خلق اللَّه الخلق عليها الحالة والهيئة المهيأة لمعرفة الخالق وقبول الحق واختيار دين الإسلام والتمييز بين الحق والباطل ما ركب فيهم من العقول التي يتمكنون بها من الهدى وقبول الحق لو نظروا بها نظرًا صحيحًا لاستمروا على لزومها، ولم يفارقوها، كما أنه يولد على محبة ارتضاعه اللبن حتى يصرف عنه، وهي التي لا تبديل لها ولا يتهيأ لأحد التبديل؛ لأن هذا الاستعداد والتهيؤ لا يتبدل، وإن ذهب ذاهب إلى خلاف مقتضاها كانت بحالها حجة عليه، وليس هذا تبديلًا له بل عدم ظهور أثره بالفعل، وبهذا الاعتبار ناسب إيراد هذا الحديث في باب القدر، فافهم.

فمعنى الحديث: أن المولود يولد على العقل المفطور لو ترك على ما فطر عليه من العقل القويم والوضع المستقيم، ولم تعرضه آفة من قبل الأبوين إما جبرًا منهما أو تقليدًا لم يختر غير هذا الدين الذي حسنه ظاهر عند ذوي العقول السليمة، والألف بالمحسوسات والموهومات والانهماك في الشهوات المانعة عن النظر الصحيح والوصول إلى المطلوب وإدراك الحق في حكم تهويد الأبوين، وهذا هو المراد مما قال بعض الفضلاء: إن صاحب الفطرة السليمة مجبول على اختيار دين الإسلام، وهو المراد بالآية الكريمة، ولا ينافيه حديث غلام الخضر لأنه مع كونه مطبوعًا على الكفر متمكن على اختيار دين الإسلام لو نظر نظرًا صحيحًا، وأيضا ما قلنا إنما هو بالنظر إلى الظاهر وعالم الشهادة بمعنى أن الناظر إذا نظر إلى المولود نفسه من غير اعتبار عالم الغيب وجد

<<  <  ج: ص:  >  >>