للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٦٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الصَّوَّافِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلًى لِآلِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " إِنَّ الْكَعْبَةَ خُلِقَتْ قَبْلَ الْأَرْضِ بِأَلْفَيْ سَنَةٍ، وَهِيَ مِنَ الْأَرْضِ، قَالَ: إِنَّهَا كَانَتْ حَشَفَةً عَلَى الْمَاءِ، يَعْنِي زَبَدًا عَلَى الْمَاءِ، عَلَيْهَا مَلَكَانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُسَبِّحَانِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَلْفَيْ سَنَةً. قَالَ: فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَخْلُقَ الْأَرْضَ دَحَاهَا مِنْهَا فَجَعَلَهَا فِي وَسَطِ الْأَرْضِ، قَالَ: فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بَعَثَ مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ ⦗٢٨٨⦘ يَأْتِي بِتُرَابٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَلَمَّا أَهْوَى لِيَأْخُذَ مِنْهَا قَالَتْ لَهُ الْأَرْضُ: أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَرْسَلَكَ إِلَيَّ أَنْ لَا تَأْخُذَ مِنِّيَ الْيَوْمَ شَيْئًا يَكُونُ لِلنَّارِ مِنْهُ نَصِيبٌ غَدًا، قَالَ: فتَرَكَهَا، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنِيَ بِمَا أَمَرْتُكَ بِهِ؟ قَالَ: يَا رَبِّ سَأَلَتْنِي بِكَ أَنْ لَا آخُذَ مِنْهَا شَيْئًا يَكُونُ لِلنَّارِ مِنْهُ نَصِيبٌ غَدًا، فَأَعْظَمْتُ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا تَسَأَلُنِي بِكَ، قَالَ: ثُمَّ أَرْسَلَ اللَّهُ آخَرَ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ فَلَمَّا أَهْوَى لِيَأْخُذَ مِنْهَا، قَالَتْ لَهُ الْأَرْضُ: أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَرْسَلَكَ أَنْ لَا تَأْخُذَ مِنِّي الْيَوْمَ شَيْئًا يَكُونُ لِلنَّارِ مِنْهُ نَصِيبٌ. قَالَ: فَتَرَكَهَا، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنِيَ بِمَا أَمَرْتُكَ بِهِ؟ قَالَ: يَا رَبِّ سَأَلَتْنِي بِكَ أَنْ لَا آخُذَ مِنْهَا شَيْئًا يَكُونُ لِلنَّارِ مِنْهُ نَصِيبٌ غَدًا؛ فَأَعْظَمْتُ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا سَأَلَنِي بِكَ. قَالَ: ثُمَّ أَرْسَلَ آخَرَ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، فَلَمَّا أَهْوَى لِيَأْخُذَ مِنْهَا، قَالَتْ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لِلْأَوَّلِ فَتَرَكَهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُ. قَالَ: حَتَّى أَرْسَلَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ كُلَّهُمْ، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ فَيَرْجِعُونَ إِلَى رَبِّهِمْ فَيَقُولُونَ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: حَتَّى أَرْسَلَ مَلَكَ الْمَوْتِ، فَلَمَّا أَهْوَى لِيَأْخُذَ مِنْهَا قَالَتْ لَهُ الْأَرْضُ: إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَرْسَلَكَ أَنْ لَا تَأْخُذَ مِنِّيَ الْيَوْمَ شَيْئًا يَكُونُ لِلنَّارِ مِنْهُ نَصِيبٌ غَدًا، قَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ: إِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي أَحَقُّ بِالطَّاعَةِ مِنْكِ، قَالَ: فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ كُلِّهَا، طَيِّبِهَا وَخَبِيثِهَا، حَتَّى كَانَتْ قَبْضَتُهُ عِنْدَ مَوْضِعِ الْكَعْبَةِ، فَجَاءَ بِهَا إِلَى رَبِّهِ فَصَبَّ عَلَيْهَا مِنْ مَاءِ الْجَنَّةِ، حَتَّى كَانَتْ حَمَأً مَسْنُونًا، فَخَلَقَ مِنْهَا آدَمَ بِيَدِهِ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَقَالَ: تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ. قَالَ: ثُمَّ تَرَكَهُ أَرْبَعِينَ لَا يَنْفُخُ فِيهِ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ. قَالَ: فَجَرَى فِيهِ الرُّوحُ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى صَدْرِهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَثِبَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: {خُلِقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَجِلٍ، سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونَ} [الأنبياء: ٣٧] . قَالَ: فَلَمَّا جَرَى فِيهِ الرُّوحُ جَلَسَ جَالِسًا ⦗٢٨٩⦘ فَعَطَسَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلِ الْحَمْدُ اللَّهِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: رَحِمَكَ رَبُّكَ، ثُمَّ قَالَ: يَا آدَمُ، انْطَلِقْ إِلَى هَؤُلَاءِ النَّفْرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: فَانْطَلَقَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، قَالُوا: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَقَالَ: يَا آدَمُ، هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ. قَالَ: يَا رَبِّ وَمَنْ ذُرِّيَّتِي؟ قَالَ: يَا آدَمُ، فِي أَيِّ يَدَيَّ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أُرِيَكَ ذُرِّيَّتَكَ فِيهَا؟ قَالَ: يَمِينُ رَبِّي، وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ، قَالَ: فَبَسَطَ يَمِينَهُ فَإِذَا ذُرِّيَّةُ آدَمَ كُلُّهُمْ، مَا هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الصَّحِيحُ عَلَى هَيْئَتِهِ وَالْمُبْتَلَى عَلَى هَيْئَتِهِ، وَالْأَنْبِيَاءُ عَلَى هَيْئَتِهِمْ. فَقَالَ آدَمُ: رَبِّ هَؤُلَاءِ أَعْطَيْتَهُمْ، لَو أَعْطَيْتَهُمْ جَمِيعًا كُلَّهُمْ؟ قَالَ: يَا آدَمُ، إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أُشْكَرَ، قَالَ: فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلًا سَاطِعًا نُورُهُ. فَقَالَ: يَا رَبِّ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: ابْنُكَ دَاوُدَ، قَالَ: كَمْ عُمُرُهُ يَا رَبِّ؟ قَالَ: سِتُّونَ سَنَةً، قَالَ: فَكَمْ عُمُرِي؟ قَالَ: أَلْفُ سَنَةٍ، قَالَ: انْقُصْ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً فَزِدْهُ فِي عُمُرِهِ، ثُمَّ رَأَى آخَرَ سَاطِعًا نُورُهُ لَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْأَتْبَاعِ مِثْلُ مَا مَعَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا أَيْ رَبِّ؟ قَالَ: ابْنُكَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْ ذُرِّيَّتِي مَنْ يَسْبِقُنِي إِلَى الْجَنَّةِ وَلَا أَحْسُدُهُ. قَالَ: فَلَمَّا مَضَى لِآدَمَ أَلْفُ سَنَةٍ إِلَّا أَرْبَعِينَ سَنَةً جَاءَتْهُ الْمَلَائِكَةُ يَتَوَفَّوْنَهُ عَيَانًا فَقَالَ لَهُمْ: مَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ نَتَوَفَّاكَ يَعْنِي قَالَ: قَدْ بَقِيَ لِي حَتَّى الْآنَ أَرْبَعُونَ سَنَةً ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ فَقَالُوا: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَهَا ابْنَكَ دَاوُدَ؟ قَالَ: مَا أَعْطَيْتُ أَحَدًا شَيْئًا. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَجَحَدَ آدَمُ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَنَسِيَ آدَمُ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ "

<<  <   >  >>