للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلو كنت بالعنقاء أو بأسومها ... لخلتك إلّا أن تصدّ قراني (١)

ثمّ قال: والله يا أيّها الأمير، والله إن قلت إلّا خيرا، إنّما قلت:

يحنين أطراف البنان من التقى ... ويخرجن شطر الليل معتجرات

[٣٣٧ ب] فعفا عنه. ثمّ قال: أخبرني عن قولك [الطويل]:

ولمّا رأت ركب النميريّ أعرضت ... وكنّ من أن يلقينه حذرات

في كم كنتم؟

قال: كنت على حمار هزيل، ومعي صاحب على أتان مثله.

*** ويقال: إنّ الحجّاج كان هو وأخوه معلّمين بالطائف، وكان لقبه كليبا، وفي ذلك يقول القائل [المتقارب]:

أينسى كليب زمان الهزال ... وتعليمه سورة الكوثر؟

رغيف له فلكة ما ترى ... وآخر كالقمر الزاهر

يريد: أنّ خبز المعلّمين يأتي مختلفا لأنّه من بيوت صبيان مختلفي الأحوال. وقال آخر [المتقارب]

كليب تمكّن في أرضكم ... وقد كان فينا صغير الخطر

ولمّا دخل الحجّاج مكّة اعتذر لأهلها بقلّة ما

وصلهم به، فقال قائل منهم (٢): إذن والله لا نعذرك، وأنت أمير العراقين، وابن عظيم القريتين، يريد عروة بن مسعود الثقفيّ [والوليد بن] المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، فأمّا عروة فإنّه ولد الحجّاج من قبل أمّه.

[[ثكله في ابنه وأخيه]]

ورأى الحجّاج في منامه أنّ عينيه قلعتا فطلّق الهندين: هند بنت المهلّب، وهند بنت أسماء بن خارجة، فلم يلبث أن جاءه نعي أخيه من اليمن في اليوم الذي مات فيه ابنه محمّد، فقال: هذا والله تأويل رؤياي. (ثم قال): إنّا لله وإنّا إليه راجعون، محمد ومحمد في يوم واحد! (ثم قال- الطويل):

عزائي نبيّ الله من كلّ ميّت ... وحسبي ثواب الله من كلّ هالك

إذا كان ربّ العرش عنّي راضيا ... فإنّ شفاء النفس فيما هنالك (٣)

وقال: من يقول شعرا يسلّيني؟

فقال الفرزدق (٤) [الكامل]:

إنّ الرزيّة لا رزيّة مثلها ... فقدان مثل محمّد ومحمّد

ملكان قد خلت المنابر منهما ... أخذ الحمام عليهما بالمرصد

فقال: لو زدتني؟

فقال [البسيط]:

إنّي لباك على ابني يوسف جزعا ... ومثل فقدهما للدين يبكيني


(١) حاشية: أسومها فيه فتح الهمزة وضمّها، والفتح أكثر لأنّه موضع، والضمّ قليل لأنّه من بناء الجموع.
وفي العقد: بتخومها.
(٢) العقد ١/ ٢٥٤: والاعتراض منسوب إلى الشعبيّ.
(٣) العقد ٥/ ٤٧، مع اختلاف.
(٤) ديوان الفرزدق ١٩٠، وفيه: للناس فقد، وأخذ المون.

<<  <  ج: ص:  >  >>