للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو نظم جاء بدرّ السخاب (١)، خلائق صافية النطاف، وشمائل مائسة الأعطاف.

ومن أبدع شعره قوله من قصيدة يمدح بها الصالح ابن رزّيك ويتشوّق فيها حماه، وكانت قد توالت عليها الزلازل فهدمت لمعظمها [٤٩٦ أ] فعرّض بذلك في شعره فأجاد، وأغرب في المعنى فقال [الطويل]:

كأنّ النواعير التي يعتنى بها ... حكت نوح طير الدوح لمّا ترنّما

تغنّت فهزّت ربعها مثل هزّها ... غصونا فلم أعجب لها أن تهدّما

وممّا لم يسبق إليه، قوله من قصيدة [الوافر]:

يجود لمن يموت به شهيدا ... ويهجر دائما أهل البقاء

ليعلم أنّه من حور عدن ... منال وصاله بعد الفناء

وأتته امرأة وأعطته فردة سوارها وقالت: ذمّ الهوى! - فأنشدها [السريع]:

يا قلب دع عنك الهوى قسرا ... ما أنت فيه حامد أمرا

أضعت دنياك بهجرانهم ... إن نلت وصلا ضاعت الأخرى

ثمّ جاءته في اليوم الثاني ودفعت له فردة السوار الأخرى وقالت: امدح الهوى! - فأنشدها [الكامل]:

لاموا عليك وما دروا ... أنّ الهوى سبب السعادة

إن نلت وصلا، فالمنى ... أو نلت هجرا فالشهادة

وقال في واعظ بمصر كان فاسقا [السريع]:

إذا سمعت الوعظ من واعظ ... فاقبل وإن خالف ما قالا

فالقوس ترمي السهم معوجّة ... وقد يصيب السهم آجالا

ومرّ به صبيّ جميل الوجه فغمّض عينيه حتّى مضى، وكان مع القاضي الفاضل، فقال له الفاضل: لم فعلت ذلك؟

فقال [السريع]:

إذا بدا ينغصّ طرفي له ... لخوفه من آفة الآفات

كأنّما تقرأ أبصارنا ... من وجهه آيات سجدات

فجعل القاضي الفاضل يكرّر قوله: آيات سجدات، إعجابا بها.

١٢٤٣ - ابن الجصّاص الجوهريّ [- ٣١٥] (٢)

حسين بن عبد الله بن حسين [٣٨٧ ب] بن منصور، أبو عبد الله، الجوهريّ، المعروف بابن الجصّاص.

كان من أعيان التجّار ذوي الثروة الواسعة واليسار.

فلمّا بويع عبد الله بن المعتزّ بالخلافة ثمّ انحلّ أمره، استتر عند ابن الجصّاص، فوشى به خادم صغير. فصادره المقتدر على ستّة آلاف ألف.

فأخذوا منه ما مقداره ستّة عشر ألف ألف دينار عينا وورقا وقماشا وخيلا. وبقي له بعد المصادرة


(١) السخاب بالكسر: القلادة.
(٢) الوافي ١٢/ ٣٨٦ (٣٦٧) شذرات ٢/ ٢٣٨ - نشوار المحاضرة ١/ ٢٥ و ٢/ ٣١٢ - فوات ١/ ٣٧٢ (١٣٥).
البصائر والذخائر (وداد القاضي) ١/ ١٥ هامش ١٩ و ٤/ ١٠٥ - شرح نهج البلاغة ٥/ ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>