للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فما ظنّك برجل يطلب منه ألف دينار سنديّ، وهو في البستان، فيستدعي بدرة، فترد عليه ثلاث بدر، والرابعة، على أنّها كلّها من هذا النقد؟ فما بال غيره من نقد سواه، الذي حقّه أن يكون أضعاف هذا مرّات؟ وما بال داره التي فيها خزائنه وذخائره؟ .

[توسّطه في زواج المعتضد بقطر الندى]

فلمّا تزوّج المعتضد بالله بقطر الندى أسماء ابنة خمارويه، تولّى ابن الجصّاص العقد وكالة عن أبي الجيش، [٣٨٨ أ] ثمّ سار بها من مصر إلى العراق فدخل بها في غرّة المحرّم سنة اثنتين وثمانين ومائتين.

ومات [ابن الجصّاص] في سنة خمس عشرة وثلاثمائة.

وحكى القاضي أبو علي المحسّن بن علي بن محمد التنّوخيّ في كتاب الفرج بعد الشدّة (١) قال:

حدّثني أبو علي، ابن أبي عبد الله الحسين بن عبد الله المعروف بابن الجصّاص، قال: سمعت أبي يحدّث قال: لمّا نكبني المقتدر وأخذ منّي تلك الأموال العظيمة، أصبحت يوما في الحبس آيس ما كنت من الفرج. فجاءني خادم فقال: البشرى!

فقلت: ما الخبر؟

قال: قم، فقد أطلقت.

فقمت معه، واجتاز بي في بعض طرق دار الخليفة، يريد إخراجي إلى دار السيّدة لتكون هي التي تطلقني لأنّها شفعت فيّ. فوقعت عيني في اجتيازي على أعدال خيش لي، أعرفها، وكان مبلغها مائة عدل، فقلت للخادم: أليس هذا من الخيش الذي حمل من داري؟

فقال: بلى.

[قصّة الكنز المخفيّ في الأخياش]

فتأمّلته فإذا هو بشدّة وعلاماته. وكانت هذه الأعدال قد حملت إليّ من مصر، وفي كلّ عدل منها ألف دينار، من مال كان لي هناك. وكتبت بحمله مالا، فخافوا عليه من الطريق، فجعلوه في أعدال الخيش لأنّها ممّا لا يكاد يحمله اللصوص إن وقعوا عليه، ولا يفطنون لما فيه. فوصلت سال [مة]، ولاستغنائي عن المال لم أخرجه من الأعدال. فتركته في بيت من داري وأقفلت عليه.

وتوخّيت بذلك ستر حديثه، فتركته شهورا على حاله لأنقله كما أرى في أيّ وقت أرى. وكبست فأخذ الخيش في جملة ما أخذ من داري، ولخسّته عندهم تهاونوا به ولم يعرف أحد ما فيه، فطرح في تلك الدار.

فلمّا رأيته بشدّة طمعت في خلاصه والحيلة في ارتجاعه، فسكتّ. فلمّا كان بعد أيّام من خروجي راسلت السيّدة وشكوت حالي إليها، وسألتها أن تدفع إليّ ذلك الخيش لأنّه لا قدر له عندهم، وأنا أنتفع بثمنه. فاستحمقتني وقالت: وأيّ شيء قدر الخيش؟ ردّوه عليه.- فسلّم إليّ بأسره ففتحته وأخذت منه المائة ألف دينار فما ضاع منها دينار واحد. وأخذت من الخيش ما احتجت إليه لمؤونتي (٢) وبعت باقيه بجملة وافرة. فقلت في نفسي: إنّه قد بقيت لي بقيّة إقبال جيّدة.

[[الجواهر دواء لضيق صدره ... ]]

(قال) وحدّثني أبو عليّ أيضا قال: سمعت أبي يقول: إنّي كنت يوم قبض المقتدر عليّ جالسا في داري، وأنا ضيّق الصدر ضيقا شديدا لا أعرف


(١) الفرج بعد الشدّة، ١١٨.
(٢) في المخطوط: لمروتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>