للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقالت: كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتختصمون.

قال: الحمد لله الذي قتلكم وأكذب حديثكم.

فقالت: الحمد لله الذي أكرمنا بمحمّد وطهّرنا تطهيرا.

(وفي رواية: الحمد لله الذي فضحكم وأكذب أحدوثتكم).

وقال: قد شفى الله نفسي من طاغيتك وأهل بيتك.

فبكت وقالت: لعمري، لقد قتلت كهلي، وأبدت أهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي.

فإن يشفك هذا فقد اشتفيت.

فقال: هذه سجّاعة، وقد كان أبوها شاعرا سجّاعا.

فقالت: ما لي وللسجاعة؟ إنّ لي لشغلا، ولكن نفثي (١) ما أقول.

فلمّا وضعت الرءوس بين يدي ابن زياد، جعل يضرب بقضيب معه على في الحسين وهو يقول [الطويل]:

يفلّقن هاما من رجال أعزّة ... علينا، وهم كانوا أعقّ وأظلما (٢)

فقال له زيد بن أرقم: لو نحّيت هذا القضيب، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يضع فاه على موضع هذا القضيب.

وقالت حفصة بنت سيرين عن أنس بن مالك:

جيء برأس الحسين إلى ابن زياد. فقال: ما رأيت مثل هذا حسنا.

قلت له: أما إنّه كان أشبههم برسول الله صلّى الله عليه وسلم.

وقال أنس بن مالك: شهدت عبيد الله بن زياد حيث أتى برأس الحسين. فجعل ينكت بقضيب معه على أسنانه ويقول: إنه كان لحسن الثغر.

(قال: فقلت: والله لأسوأنّك! ) فقلت: أما إنّي قد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقبّل موضع قضيبك من فيه.

فأمر ابن زياد برأس الحسين فنصب على خشبة.

قال الشعبيّ: رأس الحسين أوّل رأس حمل في الإسلام.

وأمر ابن زياد بحبس من قدم به عليه من بقيّة أهل الحسين معه في القصر.

فقال ذكوان أبو خالد: خلّ بيني وبين هذه الرءوس فأدفنها.

ففعل. فكفّنها ودفنها بالجبّانة. وركب إلى أجسادهم فكفّنهم ودفنهم.

قال المسعوديّ: ودفن أهل الغاضريّة- وهم قوم من بني أسد- الحسين وأصحابه بعد قتلهم بيوم (٣).

وأقبل عمر بن سعد فدخل الكوفة وقال: ما رجع رجل إلى [٥٠١ أ] أهله بشرّ ممّا رجعت به:

أطعت ابن زياد، وعصيت الله، وقطعت الرحم.

وقدم رسول يزيد بن معاوية يأمر ابن زياد أن يرسل إليه بثقل الحسين، ومن بقي من ولده وأهل


(١) كلمة أخرى غير مفهومة، وأخذنا بقراءة الطبريّ، ٥/ ٤٥٧ إلّا في السجاعة، فالمقصود في رأينا هو سجع الكهّان، وإن كانت القواميس لا تقرّ السجاعة مصدرا.
(٢) البيت للحصين بن الحمام المرّي وهو في المفضّليّات ص ١٠٥ من طبعة أوربّا.
(٣) مروج، ٣/ ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>