للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الناس، وأوقف جماعة من الشهود وندب منهم أربعة لكشف أحوال بقيّة الشهود. وألزم من كان ينظر في أموال الأيتام برفع حسابهم بعد أن رفع جماعة من الناس إلى الحضرة يسألون إيصالهم إلى حقوقهم وأموالهم التي كانت مودعة عند العدول. وتولّى النظر في أمرهم فهد بن إبراهيمالنصرانيّ كاتب الأستاذ برجوان.

[محاسبته ورثة عمّه على مخلّفه]

ورفع جماعة من الناس يسألون إعطاءهم أموالهم التي كانت مودعة (١) في مودع القاضي محمد بن النعمان. فأحضر ابنه عبد العزيز وكاتبه أبو الطاهر بن السندي فسئلا عن ذلك فذكر أنّ جميع ما كان في مودعه تصرّف فيه على سبيل القرض. فأحضر الأمناء وطولبوا أشدّ مطالبة، ورسم عليهم فهد بن إبراهيم واعتقل بعضهم، وضيّق عليهم، ووكّل بهم، وطولب من في يده وديعة بحجّة، فمنهم من أحضر حجّة، ومنهم من لم يحضر حجّة فألزم بالقيام بما ثبت باسمه [٥٤٠ ب]. وأمر الحسين ببيع ما خلّفه عمّه محمد بن النعمان فحصل منه سبعة آلاف دينار وتسعة وثلاثون دينارا ونصف وثلث دينار. فخرج الأمر من الحضرة بإضافة هذا المال إلى ما صحّ من الجهات المقبوضة من الأمناء، فبلغ المجموع أحد عشر ألف دينار والكسر المذكور. وحضر القاضي الحسين مع شهوده بالقصر لقسم ذلك على الأيتام، فكانت جملته مع ما وجب لغيرهم من الغيّب تسعة آلاف دينار وأربعمائة وتسعة عشر دينارا وثلث وربع دينار. فأمر القاضي باختيار موضع يكون مودعا لأموال الأيتام، فوقع الاختيار على مكان بزقاق القناديل حمل إليه ما قبض من أموال الأيتام، ورسم بحضور خمسة من الشهود

ليكونوا شهداء على ما يرد إليه ويخرج منه بحجج تكتب في ذلك وتثبت خطوطهم عليه، فكان هذا ممّا استحسن من أعمال القاضي الحسين، وهو أوّل من عمل للأيتام مودعا توضع فيه أموالهم.

وجعل على خلافته بمصر أبا عبد الله الحسين بن محمد بن طاهر (٢)، وعلى خلافته بالقاهرة أبا الحسن مالك بن سعيد الفارقي (٣) وعلى خلافته في الفرض والنظر بين المتحاكمين إذا غاب الحسين بن طاهر أبا العبّاس أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي العوّام (٤)، واستكتب أبا طاهر زيد بن أحمد بن السندي، وأبا القاسم عليّ بن عمر الورّاق، وجعل لأخيه أبي المنذر النعمان بن علي النظر في العيار ودار الضرب وخلافته على الحكم بالإسكندريّة وأعمالها.

وانبسطت يد القاضي الحسين في الأحكام، ونظر فيها بصرامة وشدّة. ثمّ قبل شهادة كلّ من توقّف في قبول شهادته، وعدّل آخرين. وأقام على بابه حاجبا.

وفوّض إليه مع القضاء أمر الدعوة وقراءة الدعوة في المجالس بالقصر وكتابتها. وشرّفه الحاكم بأمر الله أيّام الأعياد بالصعود معه إلى المنبر وقت الخطبة مع من يصعد، فعلت منزلته إلى الغاية.

وفي ثالث جمادى الأولى زلّ لسان رجل مخاصم (٥) في مجلس القضاء، فأمر القاضي


(١) في المخطوط: مودوعة.
(٢) في رفع الإصر (الولاة والقضاة، ٥٩٥): الحسين بن محمد بن طاهر نقيب الأشراف.
(٣) مالك بن سعيد الفارقي: يخلف عبد العزيز بن محمد بن النعمان (انظر ترجمته في رفع الإصر، الكندي، ٦٠٣).
(٤) أحمد بن أبي العوّام له أيضا ترجمة (الولاة والقضاة، ٤٩٦) وقد خلف مالك بن سعيد في شعبان ٤٠٥.
(٥) هذا المغبون سمّاه ابن حجر (الكندي، ٥٩٧): الحسن المغربيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>