للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السكونيّ يهوى خالد بن يزيد بن معاوية. فلم يزل الحصين حتى صرف مالكا عن خالد، وقام هو وروح بن زنباع في أمر مروان إلى أن بويع كما ذكرته في ترجمة مروان (١). وكان الحصين يومئذ سيّد أهل الشام وشيخهم. فلمّا تمّت بيعة مروان وكانت وقعة مرج راهط شهدها معه الحصين.

وقدم معه أيضا إلى مصر. ثمّ سار منها مع عبيد الله بن زياد إلى الجزيرة. فمات مروان وبويع بعده ابنه عبد الملك بن مروان، وهم بالجزيرة.

فأقرّ ابن زياد على ما هو عليه، وحثّه على المسير إلى العراق. فسرّح الحصين مسرعا في اثني عشر ألفا، فلقيه أصحاب [٤١٢ ب] سليمان بن صرد [الخزاعيّ] (٢) الثائر بدم الحسين عليه السلام، وقد هزموا شرحبيل بن ذي الكلاع أحد أمراء عسكر ابن زياد. وتوافى الفريقان لأربع بقين من جمادى الأولى سنة خمس وستّين. فدعاهم الحصين إلى عبد الملك بن مروان ودعاه أصحاب سليمان إلى خلع عبد الملك وتسليم عبيد الله بن زياد إليهم، وأنّهم يخرجون من بالعراق من أصحاب عبد الله بن الزبير، ثمّ يردّ الأمر إلى أهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلم، فأبى كلّ منهم.

وحملت ميمنة سليمان، وعليها عبد الله بن سعد بن نفيل، على ميسرة الحصين، وعليها ربيعة بن المخارق الغنويّ. وحملت ميسرة ابن صرد- وعليها المسيّب بن نجبة الفزاريّ- على ميمنة الحصين، وعليها جبلة بن عبد الله. وحمل سليمان بن صرد في القلب على جماعتهم، فانهزم الحصين بمن معه إلى عسكرهم. وما زال الظفر لأصحاب ابن صرد إلى أن حجز بينهم الليل.

فلمّا كان الغد صبح (٣) الحصين ثمانية آلاف أمدّه بهم ابن زياد، فقاتل بهم أصحاب ابن صرد قتالا لم يكن أشدّ منه جميع النهار. فلمّا أمسوا تحاجزوا وقد كثرت الجراح في الفريقين. فأتى في الصباح مدد ثان إلى الحصين مع أدهم بن محرز الباهليّ، عدّتهم عشرة آلاف، من عند ابن زياد.

فاقتتلوا يوم الجمعة قتالا شديدا إلى ارتفاع الضحى. ثمّ إنّ أهل الشام كثروهم وتعطّفوا عليهم من كلّ جانب. فنزل سليمان بن صرد ونادى: من أراد البكور إلى ربّه، والتوبة من (٤) ذنبه، فإليّ! - ثمّ كسر جفن سيفه. فنزل معه ناس كثير وكسروا جفون سيوفهم [٤٢٩ أ] ومشوا معه فاقتتلوا قتالا كثيرا، وقتلوا من أهل الشام مقتلة عظيمة وخرجوا منهم وأكثروا الجراح. فبعث الحصين الرجّالة ترميهم [بالنبل] واكتنفتهم الخيل والرجّالة. فقتل سليمان بن صرد رحمه الله. فأخذ الراية المسيّب بن نجبة، وترحّم على سليمان ثمّ تقدّم وقاتل بها ساعة، ثمّ رجع ثمّ حمل، فعل ذلك مرارا، ثمّ قتل رحمه الله بعد ما قتل رجالا. فأخذ الراية عبد الله بن سعد بن نفيل وترحّم على صاحبيه وقرأ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب: ٢٣] وقاتل حتّى قتل.

وبقيت الراية ليس معها أحد. ثمّ أخذها عبد الله بن وال [التيميّ] (٥) وقاتل مليّا ثمّ قال


(١) ترجمة مروان بن الحكم مفقودة.
(٢) هم التوّابون النادمون على خذلانهم الحسين، فكانوا يقولون: أقلنا ربّنا تفريطنا، فقد تبنا. المروج، ٣/ ٢٩٥.
(٣) الطبريّ، ٥/ ٥٩٨: صبّحهم ابن ذي الكلاع في ثمانية آلاف ...
(٤) تتواصل ترجمة الحسين، ولكن برقم غير منتظر: ٤٢٩ أعوض ٤١٤ أوبعنوان غير مناسب؛ كمالة الكلام على الحسين وقد تقدّم، فإن كان المقصود الحسين السبط فترقيم صفحات ترجمته (٤٩٩ أإلى ٥٠٥ أ)، ومادّة الترجمة تنقطع بين ٥٠٠ ب و ٥٠١ أبدون انقطاع في تسلسل الترقيم. فهذا أيضا من مشكلات النسخة الإضافية.
(٥) الزيادة من الطبري، ٥/ ٦٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>