للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما الظاهر السلطان إلّا مالك ال ... دنيا: بذاك لنا الملاحم تخبر

ولنا دليل واضح كالشمس في ... وسط السماء لكلّ عين تنظر:

لمّا رأينا الخضر يقدم جيشه ... أبدا، علمنا أنّه الإسكندر

وكان يخبر الملك الظاهر بأمور قبل وقوعها فتقع على ما يخبر به. فلمّا حاصر الملك الظاهر أرسوف- وهي من أوائل فتوحاته- سأله متى تؤخذ؟ - فعيّن له اليوم الذي تؤخذ فيه فوافق.

وكذلك في قيساريّة وصفد.

ولمّا عاد الظاهر من دمشق إلى جهة الكرك سنة خمس وستّين وستّمائة، استشاره في قصده.

فأشار عليه أن لا يقصده وأن يتوجّه إلى الديار المصريّة. فلم يوافق قوله غرضه، فخالفه وقصده. فلمّا كان ببركة زيزاء (١) تقطّر فانكسرت فخذه وأقام مكانه أيّاما كثيرة، ثمّ حمل في محفّة إلى غزّة، ثمّ إلى الديار المصريّة على أعناق الرجال.

ولمّا قصد الظاهر منازلة حصن الأكراد ومحاصرته اجتاز الشيخ خضر ببعلبك ونزل [٤٣١ أ] بالزاوية التي عمّرت له بظاهرها، وخرج نوّاب السلطنة وبعض أهل البلد إلى خدمته. قال [ابن] اليونيني: وكنت فيمن خرج. فسمعت كمال الدين إبراهيم بن شيت يسأله عن أخذ حصن الأكراد فقال ما معناه: تؤخذ في مدّة أربعين يوما- أو قال: قلت لابني- يشير إلى الملك الظاهر- إنّك تأخذه في أربعين يوما. فوافق ذلك وأخذه في مدّة أربعين يوما.

ولمّا توجّه الملك الظاهر إلى الروم، سأل الشيخ خضر بعض أصحابه عمّا يتمّ للملك الظاهر فأخبر بأنّه يظفر ثمّ يعود إلى دمشق ويموت بها بعد أن أموت أنا بعشرين يوما- فاتّفق ذلك.

فلهذا وأشباهه تمكّن من السلطان حتّى أطلق يده وصرّفه في مملكته، يحكم ولا يحكم عليه ولا يخالف أمره في جليل ولا حقير. فاتّقى جانبه الخاصّ والعامّ، حتّى الأمير بدر الدين بيليك الخزندار نائب السلطنة، والصاحب بهاء الدين عليّ بن حنّا، وملوك الأطراف، وملوك الفرنج وغيرهم. وكان يكتب إلى صاحب حماة وجميع الأمراء إذا طلب حاجة: الشيخ خضر نيّاك الحمارة.

وهدم بدمشق كنيسة اليهود ونهبها. وكان فيها من الآلات والفرش ما لا يعبّر عنه، وصيّرها مسجدا، وبنى بها المحاريب، وعملها سماعا (٢)، ومدّ بها سماطا.

ودخل كنيسة الإسكندريّة، وهي معظّمة عند النصارى ويعدّونها كرسيّا من كراسيّهم ويعتقدون فيها البركة ويزعمون أنّ رأس يحيى بن زكريا فيها وهم يسمّونه يحيى المعمداني، فنهبها وصيّرها مسجدا وسمّاها المدرسة الخضراء وأنفق في تعميرها من بيت المال مالا كثيرا.

وهدم بالقدس كنيسة النصارى المعروفة بالمصلّبة، وهي جليلة عندهم، وقتل قسّيسها بيده وعملها زاوية.

وكان ربع القامة كثّ اللحية يتعمّم عشراوي (٣)، وفي لسانه عجمة. وكان واسع الصدر كريم الشمائل يعطي ويفرّق الدراهم والذهب ويعمل الأطعمة الفاخرة في قدور مفرطة


(١) انظر السلوك، ١/ ٥٥٥، ولم يعرّف بهذه البركة، ونفهم أنّها بين الفوّار والكرك.
(٢) لم نفهم كلمة سماعا، ولعلّها تعني: محلّ للإنشاد الدينيّ.
(٣) عشراويّ: نسبة إلى عشائر العربان.

<<  <  ج: ص:  >  >>