للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبّاس للخليفة الظافر. وهاجت الفتنة وصارت العساكر أحزابا، ولبسوا سلاحهم. فخرج عبّاس لقتالهم في يوم الاثنين عاشر ربيع الأوّل سنة تسع وأربعين وخمسمائة وكسرهم وقتل منهم جماعة.

فبعثت عمّة الفائز إلى طلائع بن رزيّك والي الأشمونين والبهنسى تستدعيه لأخذ ثأر أخيها الظافر، فحشد وسار من منية بني خصيب. فبعث إليه عبّاس عسكرا في عاشر ربيع الآخر نزل على إطفيح، فخالف عرب إطفيح على عبّاس ولحقوا بطلائع وهو على أبويط، فسار بهم إلى دهشور (١).

فاضطرب عبّاس وانحلّ عنه الناس يريدون لقاء طلائع، وناكده أهل القاهرة بحيث إنّه مرّ في يوم فألقي عليه من طاق في الشارع هاوون ورمي مرّة بقدر قد ملئت بطعام حارّ، فقال: «ما بقي بعد هذا من شيء» وهمّ بالفرار فوجد أبواب القاهرة مغلقة.

ثمّ دبّر أمره وخرج ومعه ابنه نصر، وأسامة بن منقذ، ومعهم جميع أموالهم. فأخذ طلائع القاهرة، ونهبت دور عبّاس وولده وأتباعه.

وسار عبّاس على طريق أيلة (٢) فبعثت عمّة الفائز إلى الفرنج بعسقلان تعلمهم الحال وتبذل لهم المال. فخرجوا إلى عبّاس وقاتلوه. ففرّ عنه أسامة بن منقذ ومعه أصحابه. وبقي يقاتل حتى قتل يوم الثلاثاء سادس عشر ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وخمسمائة. وأسر ابنه نصر وحمل إلى القاهرة.

وحكي أنّ عبّاسا جلس للمنادمة. فلمّا أخذت الكأس منه قال: تبّا لمن يعتقد إمامة هؤلاء ويقول إنّه لا يكون إمام إلّا بوصيّة. والله لقد قتلت الظافر (٣) ولا علم له بذلك حتى يوصي. وقد

استعرضت أقاربه كالغنم إهانة وذبحا، وقدّمت هذا الملقّب بالفائز، وعمره خمس سنين، وعلى يدينا ذهبت دولتهم بالمغرب، وكذلك تذهببالمشرق- فقتله الله وقتل ولده بالظافر.

١٤٣٤ - أبو علي ابن الجرّاح الكاتب [٢٧٥ - ٣٤٨] (١*)

[٢٢ أ] عبد الرحمن بن عيسى بن داود بن الجرّاح بن مهاجر، أبو عليّ، الكاتب، الوزير.

مولده ليلة الجمعة سلخ شهر رمضان سنة خمس وسبعين ومائتين. وتصرّف بين يدي أخيه علي بن عيسى بن الجرّاح، وفي تقلّد الدواوين معه وبه.

وكتب لمؤنس المظفّر، وخرج معه إلى مصر، فدخلها يوم الخميس الخامس من المحرّم سنة ثمان وثلاثمائة، وخرج في سادس ربيع الآخر سنة تسع وثلاثمائة.

فلمّا قبض على الوزير أبي علي محمد بن علي بن مقلة خلع على عبد الرحمن هذا خلع الوزارة بعده في يوم الاثنين لأربع عشرة بقيت من جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وقال له أمير المؤمنين الراضي بالله أبو العبّاس محمد ابن المقتدر: قد قلّدتك وزارتي ودواويني.

فركب ومعه الجيش إلى داره. وكان قد قيل لأخيه في أن يستوزر فاستعفى فأعفي.

وباشر الوزارة شهرين وثلاثة أيّام فعجز عن تمشية الأمور لقلّة الأموال وانقطاع الموادّ، فإنّ أبا بكر ابن رائق (٢*) كان قد استولى على واسط والبصرة، والبريديّين (٣*) استولوا على الأهواز،


(١) إطفيح وأبويط ودهشور من قرى الصعيد الأدنى على النيل (ياقوت).
(٢) أيلة على البحر الأحمر ممّا يلي الشام (ياقوت).
(٣) رأينا أنّ قاتل الظافر هو نصر، فلعلّه يعني: دبّرت قتله.
(١*) الوافي، ١٨/ ٢١٤ (٢٥٩).
(٢*) ابن رائق: ترجمة ٢٢٥٦.
(٣*) بنو البريدي أحمد (ت ٣٣٣) ويعقوب (ت ٣٣٢) وأبو-

<<  <  ج: ص:  >  >>