للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يستنفر الناس لقتال المختار ويحرّض عليه ويقاتله بأصحابه وقومه.

وأمّا عبد الرحمن بن محمّد فإنّه ولد [ ... ] (١).

ثمّ بعثه بشر بن مروان بكتاب مددا لخالد بن عبد الله بن أسيد القسريّ، وهو يقاتل الخوارج.

فسار في جيش كثيف إلى خالد وقاتل معه قطريّ بن الفجاءة وأبلى بلاء حسنا، وصرع يومئذ هو ويزيد بن المهلّب بن أبي صفرة فحامى عنهما أصحابهما حتى ركبا [٢٦ ب].

فلمّا كانت سنة تسع وسبعين أغزى الحجّاج بن يوسف عبد الله بن أبي بكرة بلّاد رتبيل (٢)، وكان على سجستان، فغنم، وهدم حصونا، وغلب على بعض أراضي الترك. ثم ألجئوه حتى صالحهم ونجا بمن بقي معه وكتب إلى الحجّاج فاستأذن عبد الملك بن مروان في تسيير العساكر فأذن له.

فأخرج من أهل الكوفة عشرين ألف فارس، ومن أهل البصرة عشرين ألف فارس، وأعطاهم عطاءهم كاملا، وأنفق فيهم ألفي درهم سوىأعطياتهم، وألزمهم أن يسيروا بالخيول الرائقة والسلاح الكامل، وقدّم عليهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث مع بغضه له. وقال: «ما رأيته قطّ إلّا أردت قتله». فبلّغ عامر الشعبيّ ذلك له فقال: والله لأحاولنّ أن أزيل الحجّاج عن سلطانه.

فأتى إسماعيل بن الأشعث الحجّاج وقال له:

لا تبعث عبد الرحمن، فو الله ما جاز جسر الفرات فرأى لوال عليه طاعة، وإنّي أخاف خلافه.

فقال: هو أهيب لي من أن يخالف أمري.

وسيّره في سنة ثمانين فمضى حتّى قدم سجستان. فجمع أهلها وقام خطيبا فقال: إنّ الحجّاج ولّاني أمركم، وأمرني بجهاد عدوّكم الذي استباح بلادكم. فإيّاكم أن يتخلّف منكم أحد فتمسّه العقوبة!

فعسكروا معه. وسار بهم، فبعث إليه رتبيل يعتذر ويبذل الخراج فلم يقبل منه ومضى، فلم يلقه رتبيل وترك بلاده. فاحتوى عليها عبد الرحمن، وملك حصونها وبثّ عمّاله في الأعمال وندب معهم الأعوان وأقام على العقاب والشعاب أرصادا ووضع في كلّ مكان مخوف مسلحة، فحوى أرضا عظيمة وامتلأت أيدي من معه على كثرتهم بالغنائم العظيمة.

ثمّ أمسك عن المسير ومنع الناس من التوغّل في أرض الترك وقال: نكتفي بما قد أصبناه العام من بلادهم حتّى نجبيها ونعرفها ويجترئ المسلمون على طرقها. وفي العام المقبل نأخذ ما وراءها إن شاء الله تعالى حتّى نقاتلهم في آخر ذلك على كنوزهم في آخر بلادهم.

وكتب بما فتح الله عليه إلى الحجّاج وعرّفه ما عزم عليه. فكتب إليه: إنّ كتابك كتاب امرئ يحبّ الهدنة ويستريح إلى الموادعة، قد صانع [عدوّا] قليلا ذليلا قد أصابوا للمسلمين جندا كان بلاؤهم حسنا وغناؤهم عظيما. وإنّك حيث تكفّ عن ذلك العدوّ بجندي وحدّي لتسخو نفسك بمن أصيب من المسلمين. فامض لما أمرتك به من الوغول في أرضهم والهدم لحصونهم وقتل مقاتليهم وسبي ذراريهم!

ثمّ [٢٧ أ] أردفه بكتاب ثان وفيه: أمّا بعد، فمر من قبلك من المسلمين فليحرثوا ويقيموا بها فإنّها دارهم حتى يفتحها الله عليهم.


(١) انظر فصل دائرة المعارف الإسلامية ٣/ ٧٣٧ - الوافي، ١٨/ ٢٢٥ (٢٧٣) - ويأتي هنا بياض بقدر ستّة أسطر.
(٢) انظر: الكامل ٤/ ٤٥٤. وفي هذا الاسم اختلاف بسطه ش. بلّا في المروج، ٦/ ٣٥٨ تحت: زنبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>