للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمّا المتعة فإنّ أوّل مجمر سطع في المتعة مجمر في آل الزبير، فسل أمّك عن بردي عوسجة!

وأمّا قتال أمّ المؤمنين فبنا سمّيت أمّ المؤمنين لا بك وبآبائك، فانطلق أبوك وخالك- يعني طلحة- فعمدا إلى حجاب مدّه الله عليها فهتكاه عنها، ثمّ اتّخذاها فئة يقاتلان دونها وصانا حلائلهما في بيوتهما. فو الله ما أنصفا الله ولا محمّدا صلّى الله عليه وسلّم في ذلك.

وأمّا قتالنا إيّاكم فإن كنّا لقيناكم زحفا ونحن كفّار فقد كفرتم بفراركم من الزحف. وإن كنّا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم إيّانا. وايم الله! لولا مكان خديجة فينا وصفيّة فيكم ما تركت لك عظما مهمورا (١) إلّا كسرته!

فلمّا نزل ابن الزبير سأل أمّه عن بردي عوسجة فقالت: ألم أنهك عن ابن عبّاس وبني هاشم؟

فإنّهم كعم (٢) الجواب إذا بدهوا.

قال: بلى، فعصيتك.

قالت: فاتّقه، فإنّ عنده فضائح قريش.

فقال في ذلك أيمن بن خريم بن فاتك الأسديّ [البسيط]:

يا ابن الزبير لقد لاقيت بائقة ... من البوائق فالطف لطف محتال [٢٠٥ ب]

لقيته هاشميّا طاب مغرسه ... في منبتيه كريم العمّ والخال

ما زال يقرع منك العظم مقتدرا ... على الجواب بصوت مسمع عال

حتى رأيتك مثل [الضبّ] منحجرا ... خلف الغبيط، وكنت البادئ الغالي

إنّ ابن عبّاس المحمود حكمته ... حبر الأنام له حال من الحال

عيّرته المتعة المتبوع سنّتها ... وبالقتال، وقد عيّرت بالمال

لمّا رماك على رسل بأسهمه ... جرى عليك كسوف الحال والبال

واعلم بأنّك إن حاولت نقصته ... عادت عليك مخاز ذات أذيال (١*)

وقال حسّان بن ثابت الأنصاري في عبد الله بن عبّاس رضي الله عنه، وقد كلّم عاملا في الأنصار وكلّمه فيهم غيره فلم يبلغ أحد منهم مبلغه في الكلام حتّى قضيت حاجتهم [الطويل]:

إذا قال لم يترك مقالا لقائل ... بمنتظمات لا ترى بينها فصلا

كفى، وشفى ما في النفوس، ولم يدع ... لذي إربة في القول جدّا ولا هزلا

سموت إلى العليا بغير مشقّة ... فنلت ذراها لا دنيّا ولا وغلا

وقال أبو الزناد عن الأعرج عن عبد الرحمن بن حسّان عن أبيه حسّان بن ثابت قال: بدت لنا معشر الأنصار إلى الوالي حاجة، وكان الذي طلبنا أمراصعبا. فمشينا إليه برجال من قريش وغيرهم، فكلّموه وذكروا له وصيّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بنا. فذكر


(١) مهمور: في المعاجم: الهمر من الناس: الغليظ.
(٢) كعم ج أكعم: وهو مكعوم الفم مشدود كما يكعم البعير (اللسان). والمنتظر أن تقول أسماء غير هذا إذ تحذّر ابنها من بداهة ابن عبّاس.
هذا ولم نتبيّن قصّة بردي عوسجة. ففي مروج الذهب، ٣/ ٢٨٠ إشارة إلى «البردة والعوسجة» دون تفصيل، وكأنّ ابن عبّاس يعني متعة الحجّ لا متعة النساء فإنّ الزبير أبعد عنه أسماء وقد أحلّت بعد الإحرام ولبست ثيابها وتطيّبت، فخاف «أن يثب عليها». ولم نجد شرحا للسؤال في مادّتي برد وعوسجة.
(١*) هذه الأبيات لا توجد ضمن ما جمعه الطيّب العشّاش من شعر أيمن بن خريم (حوليّات، ٩/ ١٩٧٢ ص ١٠١) ولا في ترجمة أيمن التي مرّت برقم ٨٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>