للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال المسبّحي في حوادث سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة: «وقبض على أبي عبد الله ابن الوشّاء المالكي، وحملت كتبه إلى القصر فبقي معتقلا بالقصر نحو الشهر ويئس منه. ثمّ أطلق بسبب أنّه اعتلّ الحاكم بأمر الله، فأنفذت أمّه إلى ابن الوشّاء، وهو معتقل تسأله الدعاء للحاكم بالعافية فدعا له. ثمّ كتب القرآن كلّه في جام بمسك وزعفران، ومعه خادم موكّل به، ثمّ أنفذه إليها وقال للخادم: قل لها تغسله بماء زمزم واسقيه إيّاه. ففعلت. ف [برئ] الحاكم وشفي من علّته فسألته أمّه في إطلاقه فأطلقه وأطلق كلّ من كان قبض عليه معه من أهل الأندلس، وممّن كان يدخل إليه».

وتوفّي يوم الأحد سابع جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، ودفن بالقرافة عند قبر الفقاعي.

قال المسبّحيّ: وكان حسن التديّن متمسّكا بمذهبه مظاهرا به غير مراع لأحد، وجرت له قصّة: سعي به إلى الحاكم بأمر الله فاعتقله بالقصر مدّة، وخاطبه دفعات لم ير منه في شيء منها جزعا، فأطلقه مكرّما لم ينله بؤس.

وقال السّلفي: كان ابن الوشّاء من الصالحين من أهل السنّة فقصده بعض الشيعة في زمان الحاكم حتّى حمل إليه، وكان سفّاكا للدماء. فلمّا دخل عليه قيل له: الأرض! الأرض! - يؤمر بالسجود وتقبيل الأرض. فقال بصوت جهوريّ ارتجّ [ت] منه الآذان: حتى يقول: أنا الله الذي لا إله إلّا أنا!

فقال الحاكم: دعوا الشيخ يمضي إلى مسجده.

فخرج إلى موضعه سالما.

١٧٦٩ - ابن اللبّان [٦٨٥ - ٧٤٩] (١)

[٨٥ أ] محمد بن أحمد بن عبد المؤمن، شمس الدين، أبو عبد الله، ابن اللبّان، الأسعرديّ الأصل، الدمشقيّ، الشافعيّ.

ولد في حدود سنة خمس وثمانين وستّمائة.

سمع بدمشق والقاهرة والإسكندريّة من جماعة، منهم أبو حفص عمر بن عبد المنعم ابن القوّاس، والشرف الدمياطيّ. وخرّج له الشهاب أحمد بن أيبك جزءا من حديثه. وتفقّه على الفقيه نجم الدين أحمد ابن الرفعة، وبرع في الفقه.

واستوطن القاهرة حتّى مات. ودرّس ووعظ، وسلك على يد الشيخ ياقوت من أصحاب أبي العبّاس المرسيّ صاحب أبي الحسن الشاذليّ، فأنكرت عليه أشياء تكلّم بها، وكتب عليه محضر.

وطلب من السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون أن يمكّن أخصامه منه ليدّعوا عليه فأذن لهم في حمله إلى القضاة. فبادر إلى الأمير جنكلي بن البابا واستجار به. فقام معه، وانتدب لمساعدته الأمير الحاج آل الملك والأمير أيدمر الخطيريّ وحدّثوا السلطان في أمره وأثنوا عليه، وما زالوا به حتّى فوّض أمره لقاضي القضاة جلال


- أما موقف المترجم له هنا فيذكّرنا بموقف فقهاء القيروان- وهم أيضا مالكيّون- إزاء النحلة الإسماعيليّة، كما يذكّرنا تسامح الحاكم معه بحلم أبي عبد الله مع ابن الحدّاد وتسامح المنصور مع خصوم الدعوة.
(١) الوافي ٢/ ١٦٨ (٥٢٤)، الدرر ٣/ ٤٢٠ (٣٤٠٦)، شذرات ٦/ ١٦٣، السبكيّ ٣/ ٢١٣ أو ٩/ ٩٤ (١٣٠٤)، الأعلام ٦/ ٢٢٣.
هذا وتتكرّر الترجمة مبتورة في الورقة ١١١ ب تحت اسم «محمّد بن أحمد بن مؤمن نزيل مصر المولود سنة ٦٧٩، تفقّه وتفنّن وتقدّم»، لا غير. فاكتفينا بهذه الترجمة الطويلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>