للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طربت ولم أطرب إلى الخرّد العرب ... وما الهزل من شأني، ولا اللهو لي أرب (١)

[] ٨٥ أفأجابه عنها جماعة من رؤساء الشعراء منهم أبو الحسن أحمد بن يحيى المنجّم (٢)، فقال من أبيات نقتري منها:

ألست قريبا كنت تدعو إلى امرئ ... سواك، إماما كان عندك مرتقب

فصرت الذي قد كنت تزعم أنّه ... إمامك يا مخذول، ذا أعجب العجب

متى صار مولى الباهليّين ملحقا ... بآل رسول الله يوما إذا انتسب؟

وإنّك في دعواك أنّك منهم ... كمن يدّعي أنّ النحاس من الذهب

وقال أبو بكر الصولي من أبيات:

ولو كنت منهم ما انتهكت محارما ... يذبّون عنها بالأسنّة كالشهب

ولم تقتل الأطفال في كلّ بلدة ... وتركب من أمّاتهم شرّ مرتكب

فكم مصحف حرّقته فرماده ... مقدّمة للريح من حيث ما تهبّ (٣)

وعمّك يكنى بالشلعلع ساقط ... وجدّك مولى باهل اللؤم فاتّئب (٤)

ومنها:

فلو كانت الدنيا مثالا لطائر ... لكان لكم منها بما حزتم الذنب

فحرّك هذا البيت همّة القائم وقال: لا أزال حتى أملك صدر الطائر ورأسه، وإلّا هلكت دونه.

فسار إلى ديار مصر كما تقدّم ذكره.

وقال أبو بكر بن دريد من أبيات (٥):

تساميت من غمض الوهاد إلى الذرى ... وأين الأنوف الشمّ من علقة الذنب؟

خلافة ربّ العرش أمنع جانبا ... وأصعب أن يحتازها ملصق الحسب

وصنّف أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد المعروف بابن الجزّار للقائم بأمر الله كتاب «زاد المسافر» (٦) في الطبّ، وهو سبع مقالات في


- ٣٠٨): مثاره مسفى الريح ... وقد نقل عريب ١٨ بيتا من القصيدة، وهي طويلة في قوله، إلّا أنّه أسقط البيتين الرابع والخامس المنقولين هنا.
(١) هذا البيت قد يكون مطلع القصيدة البائيّة الماضية بالرغم من وجود مطلع آخر ممكن وهو البيت الأوّل منها الذي نقله المقريزي. فالمعاني التي لخّصها المقريزي في توطئته له هي المعاني المطروقة في القصيدة، والرويّ ساكن مقيّد مثل رويّها، والبيت بعد أوفق للنسيب التقليديّ الذي تستهلّ به المدائح والمفاخر، وهو يلمّح إلى مطلع قصيدة الكميت المعروفة:
طربت، وما شوقا إلى الغيد أطرب
وإنّما ذكره المقريزي هنا تمهيدا للردود التي سينقلها من شعر شعراء بني العبّاس.
(٢) أحمد بن المنجّم: ذكره ابن خلّكان في ترجمة أبيه يحيى بن عليّ (رقم ٨٠٢) وقال: فقيه متكلّم على مذهب ابن جرير الطبريّ. واقترى في معنى اقتار لم نجدها في المعاجم.
(٣) في صلة تاريخ الطبريّ لعريب من سعد (حوادث سنة-
(٤) الباهليّون في شعر ابن المنجّم وباهل اللؤم في كلام الصولي: يعنيان قبيلة باهلة القيسيّة، وكانت هي وأختها غنيّ تسمّيان «ابني دخان» وكانوا يسبّون بذلك (نقائض جرير والفرزدق ١٠٢٨). وقال الجاحظ (بيان ١/ ٢٦٨):
وقد هجيت باهلة بأكل لحوم الناس، وقال الشاعر (مروج الذهب ٤/ ١١٨) من الوافر:
إذا ازدحم الكرام على المعالي ... تنحّى الباهليّ عن الزحام
هذا ولا نفهم هذه التهمة بالولاء لباهلة.
(٥) لم نجد البيتين في ديوان ابن دريد، نشر عمر بن سالم، تونس ١٩٧٣.
(٦) زاد المسافر: حقّق الأستاذ إبراهيم بن مراد مقدّمته في مجلّة «الحياة الثقافيّة» عدد ٨/ ١٩٨٠. ومقالاته السبع بصدد النشر بتونس. أمّا «نصائح الأبرار» فهو مذكور في كتب الطبقات، ولكنّه لا يزال مفقودا.

<<  <  ج: ص:  >  >>