للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن جاءنا من الشام عن مكحول قبلناه.

(قال سعيد): كان هؤلاء الأربعة علماء الناس في خلافة هشام.

وقال الزبير بن أبي بكر: حدّثني إبراهيم بن المنذر عن عبد العزيز بن عمران أنّ عبد الملك بن مروان كتب إلى أهل المدينة يعاتبهم، فوصل كتابه في طومارين (١)، فقرئ الكتاب على الناس على المنبر.

فلمّا فرغوا وافترق الناس، اجتمع إلى سعيد بن المسيّب [١٢٨ ب] جلساؤه، فقال لهم سعيد: ما كان في كتابكم؟ فإنّا نودّ أن نعرف الذي فيه.

فجعل الرجل منهم يقول: فيه كذا، والآخر يقول: فيه كذا أيضا. فلم يشف سعيد فيما سأل عنه. فقال لابن شهاب عنه فقال: أتحبّ يا أبا محمّد أن تسمع كلّ ما فيه؟

قال: نعم.

قال: فأمسك! - فهذّه عليه والله هذّا (٢) كأنّما هو في يده يقرؤه، حتى أتى على آخره.

(قال): وقال ابن شهاب: ما استودعت قلبي شيئا قطّ فنسيته.

وعن عبد العزيز بن محمد الدراورديّ: أوّل من دوّن العلم وكتبه ابن شهاب.

وعن يونس بن يزيد: كان ابن شهاب إذا دخل رمضان، فإنّما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام.

وكان ابن شهاب أكرم الناس وأخيرهم.

وعن عمرو بن دينار: ما رأيت أنصّ للحديث من ابن شهاب، ولا رأيت أجود منه. ما كانت الدنانير والدراهم عنده إلّا بمنزلة البعر.

وذكر ابن وهب عن مالك: قيل لابن شهاب:

لو جلست إلى سارية تفتي الناس؟

قال: إنّما يجلس هذا المجلس من زهد في الدنيا.

وعن مطرّف: سمعت مالكا يقول: ما رأيت محدّثا فقيها إلّا واحدا.

قلت: من هو؟

قال: ابن شهاب.

وعن يحيى بن سعيد القطّان: ما أحد أعلم بحديث المدنيّين من الزهريّ، وبعد الزهريّ يحيى بن أبي كثير. وليس مرسل أصحّ من مرسل الزهريّ لأنّه حافظ.

وعن ابن المبارك: حديث الزهريّ عندنا كأخذ باليد. ورأي الزهريّ أحبّ إليّ من حديث أبي حنيفة.

وكان نقش خاتم الزهريّ: محمد يسأل الله العافية.

وعن الليث: قلت لابن شهاب: يا أبا بكر، لو وضعت للناس هذه الكتب ودوّنت وشرعت؟

فقال: ما نشر أحد هذا العلم نشري ولا بذله بذلي، قد كان ابن عمر لا يجترئ عليه أحد حتى يأتيه إنسان فيسأله، وكنّا نجالس ابن المسيّب فلا نسأله حتّى يأتي إنسان فيسأله، فيهيجه ذلك فيحدّث، أو يبتدئ هو فيحدّث.

وعن إبراهيم بن سعد: قلت لأبي: بم فاتكم الزهريّ؟

فقال: كان يأتي المجالس من صدورها، ولا يأتيها من خلفها، ولا يبقى في المجلس شابّ إلّا سأله، ولا كهل إلّا سأله. ثمّ يأتي الدار من دور الأنصار فلا يترك فيها شابّا ولا كهلا ولا عجوزا إلّا سألهم، حتّى يحاول ربّات الحجال.


(١) الطومار والطوماردان: الوعاء للصحف (دوزي).
(٢) هذّ الحديث: سرده.

<<  <  ج: ص:  >  >>