للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محمد بن النعمان. فلمّا فرغ الأسطرلاب وصار به النعمان إلى المعزّ، قال له: من أجلست مع الصانع؟

قال: محمد ابني.

فقال المعزّ: هو قاضي مصر.

وقال محمد بن النعمان: كان المعزّ إذا رآني، وأنا صبيّ، يقول لمولانا العزيز: يا بنيّ [١٧٢ ب]، هذا قاضيك! (١)

ثم إنّ محمد بن النعمان استخلف ابنه عبد العزيز في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين [وثلاثمائة]، وفيه أعرس بابنة القائد حسين بن جوهر، فأطعم محمد بن النعمان الناس ثلاثا.

وزفّت إليه ومعها عشرون قبّة، ولم ير بمصر عرس مثله.

ولمّا اتّصل خروج الناس في شهري رجب وشعبان ليالي الجمع بالقاهرة، خرج محمد بن النعمان في جمع من الشهود، وجلس في المقصورة بالجامع الأزهر، وأتته من الوزير يعقوب بن كلّس سلال الحلوى وغيرها. فأكل بجماعته، وانصرف ليلة النصف من شعبان [٣٧٧].

وتأخّر بعض الشهود عن حضور مجلسه للحكم فعاتبهم وقال: «قد علمتم أنّ قاضي [يا] كان عندكم تأخّر عنه جماعة فعدّل ثلاثين عوضا منهم». يريد بهذا تهديدهم.

وارتدّ رجل عن الإسلام في أيّامه فضرب عنقه بعد ما عرض عليه الإسلام وهو يمتنع.

ولاعن بين رجل وامرأته (٢) في الجامع بحضرة

الشهود في ذي القعدة سنة ثمان وسبعين.

وفي صفر سنة تسع وسبعين [وثلاثمائة] صرف عن قضاء دمشق بأبي محمد الحسن بن محمد العلويّ.

وادّعت امرأة عنده بدين لها على زوجها، واقتضى الحكم حبسه، فلمّا أمر به إلى الحبس رأى المرأة وقد فرحت بحبس زوجها- وكانت ذات جمال- فارتاب بها وأمر بحبسها أيضا.

فقال [ت]: أصلح الله القاضي، كيف تحبّسني؟

فقال: حبسناه لحقّك، ونحبسك حفظا له لحقّه عليك.

فسألت الإفراج عن الرجل فانصرف بها، فسأل الشهود القاضي عمّا فعله فقال: «لمّا رأيت فرحها بحبس زوجها علمت أنّها تريد أن تخلو بنفسها، ولا آمن أن تتغيّر على الزوج بحبسه عنها»، فعدّت هذه من أحسن القضايا.

وعدّل جماعة قبل شهادتهم، منهم الحافظ عبد الغنيّ بن سعيد، وأبو الحسن عليّ بن عبد الرحمن بن يونس، وأبو العبّاس أحمد بن محمد ابن أبي العوّام الحنفيّ الذي ولي قضاء مصر. ومنع جماعة من الفقهاء من الإفتاء لكثرة ما بلغه من غلطهم.

وقوي تمكّنه في البلد، وانبسطت يده في الأحكام، وتجبّر وترك النزول إلى جامع عمرو، وصار ينظر بداره في الأحكام، ولا يخاطب إلّا ب «سيّدنا».


- وقد جحد البنت التي أنجبتها زوجته. والملاعنة وقعت في جامع عمرو. وقد أسند هذا اللعان إلى الحسين بن عليّ بن النعمان نقلا عن المسبّحي في الولاة والقضاء ٥٩٦، والأمر نادر، بل مستحدث فلذلك قال المسبّحي:
ولم يسبق لذلك (في العبيديّين). وانظر ٣/ ٣٥٤ هـ ٣ من هذا الكتاب.
(١) هذا امر مستبعد لأنّ المعزّ لم يجعل ابنه نزارا وليّا للعهد إلا بعد موت ابنه عبد الله بمصر.
(٢) في ذيل الولاة ٥٩٤: الرجل من ولد عقيل بن أبي طالب-

<<  <  ج: ص:  >  >>