للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طُلِب منه تعيينُ المراد.

الثاني: أن انتفاء الإرادة ممتنع، وهو محزَمٌ، بل عليه أن يريد ما أراده منه، ولا بدَّ له من ذلك.

وأما قوله: "أريد أن لا أريد، لأنِّي أنا المراد وأنت المريد"، فلا ينبغي أن يفهم من قوله: "أن لا أريد" أن لا تكون لي إرادة، فإن هذا باطل محرم، وإنما أراد أن لا يكون ابتداءُ الإرادة مني، بل إرادتي تابعة لك لأنك أنت مرادي، فأريد أن لا أريد إلا إياك. وهذا حقيقة الحنيفية والإخلاص، فإذا كنتُ لا أريد إلا إياك لم أحب (١) ولا أفعل إلا ما أمرتني به، فكان حقيقة قوله: أريد أن لا أعبد إلا إياك، ولا أريد شيئًا قطّ إلا وجهَك الكريم، وهذا عين ما أوجبه الله لكل عبد، وهي الإرادة الدينية الشرعية.

وأيضاً فقد يقول: أريد ألَاّ تكون لي إرادة إلا ما أمرتَني أن أريده، وأردتَه لي إرادةَ محبةٍ ورضًى، لجهلي وعجزي. وأريد أن أكون عبدًا محضًا، فلا أريد إلا ما تريده أنت، بحيث يكون المرادُ (٢) المختار أمرًا دينيًّا وقضاءً كونيًّا لا يخالف الأمر الديني. فهذا الكلام يكون إخلاصًا وتفويضًا، وكلاهما إسلام وجهه لله.

وأيضًا فإنه قد يقول هذا في مقام الفناء والاصطلام، إذا غلبَ على قلبه، حتى غاب به عن شهود نفسه وإرادته، فهو يُحب هذا الفناء، لأنه


(١) الكلمة غير واضحة في الأصل.
(٢) في الأصل: "المريد".