للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر».

وفي «صحيح البخاري» (١) عن أنس قال: قال عمر: وافقني اللهُ في ثلاث، أو: وافقني ربِّي في ثلاث، قلت: يا رسول الله، لو اتَّخذتَ مقامَ إبراهيم مصلَّى، وقلت: يا رسول الله يدخلُ عليك البرُّ والفاجر، فلو أمرتَ أمَّهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آيةَ الحجاب، وبلغني معاتبةُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضَ نسائه، فدخلتُ عليهنَّ، فقلت: إن انتهيتنَّ أو ليبدلنَّ اللهُ رسولَه خيرًا منكن، حتى أتيتُ إحدى نسائه، فقالت: يا عمر أما في رسول الله ما يَعِظُ نساءَه حتى تَعِظَهُنَّ أنت؟! فأنزل الله عز وجل: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} الآية [التحريم: ٥].

وفي «الصحيحين» (٢) أنه لما قام - صلى الله عليه وسلم - ليصلي على عبد الله بن أبيِّ ابن سلول رأس المنافقين قام عمر فأخذ ثوبَه، وقال: يا رسول الله أتصلِّي عليه وقد نهاك اللهُ أن تصلِّي عليه؟! فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما خيَّرني الله، فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: ٨٠]، وسأزيدُ على السبعين»، فصلى عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله عز وجل: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: ٨٤]، فترَك الصلاةَ عليهم.

فإذا كانت هذه موافقةُ عمر لربِّه في شرعه ودينه، ينطقُ بالشيء فيكون


(١) (٤٠٢، ٤٤٨٣).
(٢) «صحيح البخاري» (٤٦٧٠)، و «صحيح مسلم» (٢٤٠٠، ٢٧٧٤).