والخبر أخرجه الطبري (٥/ ٥٠١) عن زياد بن جيل (أو حبل) والذي قال فيه أبو حاتم: شيخ مجهول. [الجرح والتعديل (٣ / تر ٢٣٨١)]. ومن نكارة متنه أن ابن الزبير قال لحصين بن نمير: "إن طاغيتكم قد مات" ولم يكن يزيد في نظر ابن الزبير طاغية ولعل أكثر ما يراه فيه أنه إمام فاسق، ولم يكن من أدب الصحابة أن يطلقوا هذه اللفظة: (طاغية) بهذه السهولة على كل من هبَّ ودبَّ. وثاني النكارات: أن زياد بن جيل أخبر أن خبر موت يزيد قد وصل إلى المحاصَرِين في مكة بينما لم يصل إلى جيش الشام الذي كان يحاصر ابن الزبير فكيف وصل الخبر إلى المحاصِرين وهم في داخل الطوق ولم يصل إلى من يحاصرهم وهو في الخارج (حصين) علمًا بأن حصينًا أولى بسماع الخبر ومعرفته بذلك من البريد الذي يصل لأنه من أمراء وقادة الخلافة فكيف لا يطلع على البربد ويطلع عليه عدوه المحاصَر؟ ! قلنا: ولعل أصحَّ خبر في الباب ما أخرجه البلاذري في أنساب الأشراف قال: حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا وهب بن جرير بن حازم، عن جويرية بن أسماء، قال حدثني بُرْد مولى آل الزبير، أن حصينًا بعث إلى ابن الزبير: إني أحب لقاءك قال: فموعدك بعد العتمة بأعلى مكة، فخرج ابن الزبير بعد أن صلى بالناس إلى المكان الذي وعده فيه وليس عليه سلاح، وأقبل ابن نمير وعليه الدرعُ والسيف ولقد لبس مِمْطرًا، فلما أراد الجلوس بدت نعل السيف، فقال له ابن الزبير: أغدْرًا يابن نمير؟ قال: لا ولكني خفت أصحابك ثم قال له: أبايعك غدًا بين الركن والمقام أنا وجميع أصحابي على أن تنتقل إلى الشام فتسكنها ونقاتل عنك الناس ما بقيت أرواحنا، فقال: إن لي أمراء لستُ أقطع أمرًا دونهم فاناظرهم ثم يأتيك رأيي، فرجع فأخبر ابن صفوان وذويه، فقالوا: أتخرج من بلدٍ نصرك الله به، وتفارق حرم الله وأمنه، وتستعين بقوم رموا بيت الله لا خلاق لهم؟ فأرسل إلى الحصين: إن أصحابي قد أبوا أن يتحولوا إلى الشام، قال: فهل أنت مؤمّني وأصحابي حتى نطوف بالبيت ثم ننصرف عنك؟ فأمنهم فطافوا ثم انصرفوا. [أنساب الأشراف (٤/ ٣٥٠ / ٩٠٧)]. قلنا: ورجال إسناد البلاذري بين الثقة والصدوق، وبرد مولى آل الزبير ترجم له ابن أبي حاتم وسكت عنه، وذكره ابن حبان في الثقات ولا نكارة في المتن أو غرابة والله أعلم.