للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إصْطَخْر، وقد أخذني الحجاج بألف ألف، فنصفٌ عليّ ونصف عليك، ولم يكن عند المهلَّب مالٌ، كان إذا عزل استقرَض؛ قال: فكلم أبا ماويَّة مولى عبد الله بن عامر - وكان أبو ماوية على بيتِ مال عبد الله بن عامر - فأسلف المهلّب ثلثمئة ألف، فقالت خَيرَةُ القُشَيرية امرأة المهلب: هذا لا يفي بما عليك؛ فباعت حُليًّا لها ومتاعًا، فأكمَل خمسمئة ألف، وحمل المغيرة إلى أبيه خَمسمئة ألف فحملها إلى الحجّاج، ووجّه المهلب ابنه حبيبًا على مقدّمته، فأتى الحجّاج فودّعه، فأمر الحجّاج له بعشرة آلاف وبغلة خضراء، قال: فسار حبيبٌ على تلك البغلة حتّى قَدِم خُراسانَ هو وأصحابُه على البريد، فسار عشرين يومًا، فتلقاهم حين دخلوا حملُ حطب، فنفرَت البغلة فتعجّبوا منها ومن نفارها بعد ذلك التعب وشدة السير. فلم يعرض لأمية ولا لعمّاله، وأقام عشرةَ أشهر حتى قدم عليه المهلّب سنة تسع وسبعين (١). (٦/ ٣١٩ - ٣٢١).

وحجّ بالناس في هذه السنة الوليدُ بن عبد الملك، حدّثني بذلك أحمدُ بن ثابت عمن ذكره، عن إسحاق بن عيسى، عن أبي معشر.

وكان أمير المدينة في هذه السنة أبانُ بن عثمان، وأميرَ الكوفة والبَصرة وخُراسان وسجستان وكرمان الحجّاجُ بن يوسف، وخليفتَه بخُراسان المهلّبُ، وبسجستان عُبيد الله بن أبي بَكْرة، وعلى قضاء الكوفة شُريح، وعلى قضاء


(١) قلنا: هاتان روايتان:
الأولى: من طريق التالف أبي مخنف.
والثانية: من طريق الأخباري الصدوق المداني عن شيخه المفضل بن محمد وهو ثقة إذا روى في التاريخ فقط على رأي الخطيب البغدادي ولعل هذه هي المرة الأولى التي نذكر فيها رواية أبي مخنف في قسم الصحيح لخلوها من نكارة أو طعن في عدالة الصحابة ولموافقتها (في أغلب المتن لرواية المدائني عن المفضل ولا نقطع بصحة الحوار الذي دار بين الحجاج وأمراءه وغيره من تفاصيل. ولكن الرواية أقرب إلى الصحة (ونعني أصل الرواية).
ولقد أخذنا على أنفسنا أن نستنفذ كافة السبل المتاحة والمقبولة لإنقاذ العدد الأكبر من الروايات التاريخية وانتشالها من بين ركام التلفيقات والأكاذيب والأغاليط ووضعها في قسم الصحيح وحسب الضوابط التي كررناها مرارًا.
وما أبرئ نفسي ولا أدعي العصمة من السهو والخطأ والنسيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>