عن عبد العزيز بن الماجشون أنه دخل وبعض الشعراء على المهدي وأخذوا يقولون الشعر حتى أجازهم المهدي كل واحد عشرة آلاف دينار أو يزيد وحين نرجع إلى إسناد هذه الرواية [تأريخ بغداد / ٥/ ٣٩٥][وتأريخ دمشق / ٥٣/ ٤٣٢] نجد في الإسناد طامات -فهو من طريق أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي الذي قال الدارقطني فيه: ليس بالقوي يأتي بالمعضلات / ميزان / تر ٥٨٧] وفيه أيضًا عبد الملك بن عبد العزيز الذي ضعفه أكثر أئمة الجرح والتعديل [تحرير تقريب / تر ٢١٩٥] فكيف نصدق بأنه أنفق هذه المبالغ السخية من طريق راوٍ يأتي بالطامات؟ -والحمد لله على نعمة الإسناد- وسنتطرق إلى هذه المسألة كرة أخرى عند الحديث عن سيرة المهدي إن شاء الله تعالى. ولا بأس أن نذكر هنا بعض النقاط الهامة فيما يتعلق بالمنهج الذي اتبعناه في تخريجنا لروايات الطبري التأريخية للفترة الممتدة من سنة (١٤٧ هـ) وحتى (١٩٣ هـ) وإن كان فيه بعض التكرار فللتذكير فقط! .
١ - إذا حجّ الخليفة في عامٍ ما أو خرج مجاهدًا إلى الثغور فإن الجموع الغفيرة من الأمة سَتُشاهده -وإذا عيّن واليًا على العراق أو الشام- مثلًا، أو قاضيًا للمدينة -فإن الأمرَ معاين بل معروف ومشهور فالناس في مصر أو العراق أو الحجاز يرون يوميًا واليهم أو قاضيهم ومثل هذه الأمور نذكرها في قسم الصحيح إذا اتفق مؤرخان من المؤرخين الثقات المتقدمين المعروفين بعدم انحيازهم إلى فئة معينة (أي لا تتأئر مروياتهم بأهل البدع والأهواء) - فإذا قال الطبري أن الخليفة العباسي حجّ في سنة كذا ووافقه البسوي أو خليفة أو كلاهما ذكرنا الخبر في قسم الصحيح وكذلك أمر الصائفة والتولية والعزل ... إلخ.
٢ - أما إذا دخل رجل على الخليفة ودار بينهما حوار ولم يكن معهما إلا وزير أو حاجب والله رابعهما احتجنا إلى طريق مسند موصول صحيح أو حسن أو من مظان الحسن أو من طرق متعددة ضعيفة ولكنها تتعاضد ببعضها كي نثبت الخبر