القرار، وأرَز أهل الجبال منهم إلى جبالهم، وجلَوْا عن قرار أرضهم، فكان لا يقيم بها إلا الجنود ومن أعانهم أو تجر إليهم. واكتتبوا من سُراقة بن عمرو كتابًا:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أعطى سراقة بن عمرو عامل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب شهر براز، وسكان أرمينية والأرْمن من الأمان، أعطاهم أمانًا لأنفسهم، وأموالهم، وملّتهم ألّا يضارّوا، ولا ينتقضوا، وعلى أهل أرمينية والأبواب - الطرّاء منهم، والتُّنَّاء، ومَنْ حولهم، فدخل معهم - أن ينفِروا لكلّ غارة، وينفذُوا لكلّ أمر ناب، أو لم يَنُبْ رآه الوالي صلاحًا؛ على أن توضع الجزاء عمّن أجاب إلى ذلك إلّا الحشْر، والحشْر عِوَضٌ من جزائهم ومن استُغني عنه منهم وقعد فعليه مثل ما على أهل أذْرَبيجان من الجزاء والدلالة والنُّزْل يومًا كاملًا، فإن حُشِروا وضع ذلك عنهم، وإن تركوا أخذوا به. شهد عبد الرحمن بن ربيعة، وسلْمان بن ربيعة، وبُكير بن عبد الله. وكتب مَرْضِيّ بن مقرّن وشهد.
ووجّه سُراقة بعد ذلك بُكير بن عبد الله، وحَبيب بن مسلمة، وحُذيفة بن أسِيد، وسلْمان بن ربيعة إلى أهل تلك الجِبال المحيطة بأرمينية، فوجّه بُكيرًا إلى مُوقان، ووجه حبيبًا إلى تَفْلِيس، وحُذيفة بن أسيد إلى مَن بجبال اللّان، وسَلْمان بن ربيعة إلى الوجْه الآخر، وكتب سراقة بالفتح وبالذي وجّه فيه هؤلاء النفر إلى عمر بن الخطاب، فأتى عمرَ أمرٌ لم يكن يرى أنه يستتمّ له على ما خرج عليه في سَريح بغير مؤونة. وكان فرْجًا عظيمًا به جند عظيم، إنما ينتظر أهل فارس صَنِيعهم، ثم يضعون الحرب أو يبعثونها.
فلما استوسَقوا، واستحْلوا عَدْل الإسلام؛ مات سُراقة، واستخلف عبد الرحمن بن ربيعة، وقد مضى أولئك القوّاد الذين بعثهم سراقة، فلم يفتح أحد منهم ما وجّه له إلّا بكير فإنه فضّ مُوقان، ثم تراجعوا على الجزية، فكتب لهم:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أعطى بُكير بن عبد الله أهلَ مُوقان من جبال القَبْج الأمانَ على أموالهم، وأنفسهم، وملّتهم، وشرائعهم على الجزاء: دينار على كلّ حال أو