للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلْيقوموا ورائي كما كانوا يقفون، ودُرْ فيهم فإني لست بداخل إذًا. فصلَّى بالناس، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإنّ ابن عَقِيل السفيه الجاهل، قد أتى ما قد رأيتم من الخلاف والشقاق، فبرِئت ذمّة الله من رجل وجدْناه في داره، ومن جاء به فله دِيتُهُ، اتقوا الله عباد الله، والزَموا طاعتكم وبَيعَتكم، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلًا. يا حُصين بن تميم، ثكلتْك أمّك إنْ صاح بابُ سكّةٍ من سكك الكُوفة، أو خرج هذا الرجل ولم تأتني به، وقد سلَّطتُك على دُور أهل الكوفة، فابعث مُراصِدة على أفواه السكَك، وأصْبح غدًا واستَبْرِ الدُّور وجُسْ خلالَها حتى تأتيَني بهذا الرجل -وكان الحصين على شُرَطه، وهو من بني تميم- ثم نزل ابن زياد فدخل وقد عقد لعَمرو بن حُرَيْث رايةً وأمَّره على الناس، فلما أصبح جلس مجلسه وأذن للناس فدخلوا عليه، وأقبل محمد بن الأشعث فقال: مَرْحبًا بمن لا يُسْتَغَشّ ولا يُتَّهَم! ثم أقعده إلى جنبه، وأصبح ابن تلك العجوز وهو بلال بن أسيد الذي آوت أمه ابنَ عقيل، فغدا إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فأخبَرَه بمكان ابن عَقِيل عند أمه؛ قال: فأقبل عبد الرحمن حتى أتى أباه وهو عند ابن زياد، فسارّه، فقال له ابن زياد: ما قال لك؟ قال: أخبرني أن ابن عَقِيل في دار من دورنا، فنَخَسَ بالقضيب في جَنْبه ثم قال: قم فائتني به الساعة (١). (٥: ٣٧١ - ٣٧٣)

قال أبو مخنف: فحدّثني قُدامة بن سعيد بن زائدة بن قدامة الثقفيّ: أنّ ابن الأشعث حين قام ليأتيه بابن عَقيل بعث إلى عمرو بن حُرَيْث وهو في المسجد خليفته على الناس، أن ابعَثْ مع ابن الأشعث ستين أو سبعين رجلًا كلهم من قَيْس -وإنما كره أن يبعث معه قومه لأنه قد علم أنّ كلّ قوم يكرَهون أن يُصادَف فيهم مثل ابن عَقيل- فبعث معه عمرو بن عبيد الله بن عبَّاس السُلَميّ في ستين أو سبعين من قَيْس، حتى أتوا الدارَ التي فيها ابن عَقِيل، فلما سمع وقعَ حَوافر الخيل وأصواتَ الرجال عَرَف أنه قد أتِيَ، فخرج إليهم بسيفه، واقتحموا عليه الدار، فشدّ عليهم يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من الدار، ثم عادوا إليه، فشدّ عليهم كذلك، فاختلف هو وبُكيْر بن حُفران الأحْمَريّ ضربتين، فضرب بُكيْر فمَ مسلم فقطع شفَتَه العُلْيا، وأشْرَعَ السيف في السّفْلى، ونصلتْ له ثنيَّتاه، فضربه مسلم


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>