للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماء، فقال له مسلم بن عَمرو: أتراها ما أبرَدها! لا والله لا تذوق منها قطرةً أبدًا حتى تذوقَ الحميم في نار جهنَّم! قال له ابن عَقيِل: وَيْحك! مَنْ أنت؟ قال: أنا ابن مَن عرفَ الحقّ إذ أنكرتَه، ونصحَ لإمامه إذْ غششتَه، وسمع وأطاع إذ عصيتَه وخالفتَ، أنا مسلم بن عمرو الباهليّ؛ فقال ابن عَقِيل: لأمّك الثكْلُ! ما أجفاك، وما أفظَّك؛ وأقسَى قلبَك وأغلَظك! أنت يا بن باهلة أوْلى بالحميم والخلود في نار جهنم مني؛ ثم جلس متساندًا إلى حائط. (٥: ٣٧٥ - ٣٧٦) (١).

قال أبو مخنف: فحدّثني قُدامة بن سعد: أنّ عمرو بن حُريث بعث غلامًا يُدعَى سليمان. فجاءَه بماء في قُلَّة فسقاه (٢). (٣٧٦: ٥).

قال أبو مخنف: وحدّثني سعيد بن مدرك بن عُمارة: أن عُمارة بن عُقبة بعث غلامًا له يُدعى قيْسًا، فجاءه بقُلَّة عليها منديل ومعه قَدَح فصبّ فيه ماءً، ثم سقاه، فأخذ كلَّما شرب امتلأ القدح دمًا، فلما ملأ القدحَ المرّة الثالثة ذهب ليشرب فسقطتْ ثنيَّتاه فيه، فقال: الحمد لله! لو كان لي من الرزق المقسوم شربتُه. وأدخِل مسلمٌ على ابن زياد فلم يسلِّم عليه بالإمْرة، فقال له الحَرَسيّ: ألا تسلّم على الأمير! فقال له: إن كان يريد قتلي فما سَلامي عليه! وإن كان لا يريد قتلي فلَعَمري ليَكثُرنّ سلامي عليه؛ فقال له ابن زياد: لعَمري لتُقْتلنّ؛ قال: كذلك؟ قال: نعم؛ قال: فدَعني أوصِ إلى بعض قومي، فنظر إلى جلساءِ عبيد الله وفيهم عمر بن سعد، فقال: يا عمر، إنّ بيني وبينك قرابةً، ولي إليك حاجة، وقد يجب لي عليك نُجْحُ حاجتي، وهو سرّ، فأبى أن يمكّنه من ذكرها، فقال له عبيد الله: لا تمتنع أنْ تنظر في حاجة ابن عمّك، فقام معه فجلس حيث ينظر إليه ابن زياد، فقال له: إنّ عليّ بالكوفة دَيْنًا استدنتُه منذ قدمتُ الكوفةَ، سبعمئة درهم، فاقضها عني، وانظر جُثّتي فاستوهبْها من ابن زياد، فوارِها، وابعثْ إلى حسين مَنْ يردّه، فإني قد كتبتُ إليه أعلمه: أن الناس معه، ولا أراه إلا مقبلًا. فقال عمر لابن زياد: أتدري ما قال لي؟ إنه ذَكر كذا وكذا؛ قال له ابن زياد: إنه لا يخونُك الأمينُ، ولكن قد يوتَمن الخائن، أمَّا مالُكَ فهو لك، ولسنا نمنعك أن تصنع فيه ما أحببتَ؛ وأما حسين؛ فإنه إن لم يُردْنا لم


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>