للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسارعوا إلى ذلك، فقالوا: نقتل هؤلاء النفر ونرجع إلى بلادنا، فتوجّه القيْنيّ إليهم في ستمئة، وضمّ إليهم خالد مئتين من شُرَط الكوفة، فالتقوا على الفُرات، فعبّأ القْينيّ أصحابه، وعزل شرط الكوفة، فقال: لا تكونوا معنا - وإنما يريد في نفسه أن يخلوَ هو وأصحابه بالقوم فيكون الظفر لهم دون غيرهم لما وعدهم خالد - وخرج إليهم بُهلول، فسأل عن رئيسهم حتى عرف مكانه، ثم تنكّر له، ومعه لواء أسود، فحمل عليه فطعنه في فرْج درعه؛ فأنفذه. فقال: قتلتَني قتلك الله! فقال بهلول؛ إلى النار أبعدك الله.

وولّى أهل الشأم مع شرط أهل الكوفة منهزمين حتى بلغوا باب الكوفة، وبُهلول وأصحابه يقتلونهم، فأما الشاميون فإنهم كانوا على خيل جياد ففاتوه؛ وأما شُرَط الكوفة فإنه لحقهم، فقالوا: اتق الله فينا فإنا مكرهون مقهورون؛ فجعل يقرع رؤوسهم بالرّمح، ويقول: الحقوا! النّجاء النّجاء! ووجد البهلول مع القينيّ بَدْرة فأخذها.

وكان بالكوفة ستة نفر يرون رأي البهلول، فخرجوا إليه يريدون اللّحاق به فقتِلوا، وخرج إليهم البُهلول وحمل البَدْرة بين يديه، فقال: مَنْ قتل هؤلاء النفر حتى أعطيَه هذه الدراهم؟ فجعل هذا يقول: أنا، وهذا يقول: أنا؛ حتى عرفهم؛ وهم يروْن أنه من قِبَل خالد جاء ليعطيهم مالًا لقتلهم مَنْ قتلوا، فقال بُهلول لأهل القرية، أصَدق هؤلاء، هم قتلوا النفر؟ قالوا: نعم؛ وخشي بهلول أنهم اذعوا ذلك طمعًا في المال، فقال لأهل القرية: انصرفوا أنتم؛ وأمر بأولئك فقُتِلوا، وعاب عليه أصحابه فحاجّهم، فأقرّوا له بالحجّة.

وبلغت هزيمةُ القوم خالدًا وخبر مَنْ قُتِل من أهل صرِيفين، فوجّه قائدًا من بني شَيْبان أحد بني حوشب بن يزيدبن رويم؛ فلقيهم فيما بين الموصل والكوفة، فشدّ عليهم البُهلول، فقال: نشدتك بالرحم! فإني جانح مستجير! فكفّ عنه؛ وانهزم أصحابه، فأتوْا خالدًا وهو مقيم بالحيرة ينتظر، فلم يرعْه إلَّا الفَلّ قد هجم عليه؛ فارتحل البُهلول من يومه يريد الموصل؛ فخافه عامل الموصل، فكتب إلى هشام: إنّ خارجةً خرجت فعاثت وأفسدت؛ وأنه لا يأمن على ناحيته، ويسأله جندًا يقاتلهم به؛ فكتب إليه هشام: وجّه إليهم كُثارة بن بشر - وكان هشام لا يعرف البهلول إلَّا بلقبه - فكتب إليه العامل: إن الخراج هو كُثارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>