ودار محمد بالرحبة، حتى جاء بيت عاتكة بنت يزيد، فجلس على بابها، وتناوش الناس حتى قتِل رجل سنديّ كان يستصبح في المسجد، قتله رجل من أصحاب محمد.
قال: وحدّثني سعيد بن عبد الحميد بن جعفر، أخبرني جهم بن عثمان؛ قال: خرج محمد من المذاد على حمار ونحن معه، فولّى خوّات بن بكير بن خوّات بن جبير الرّجالة، وولّى عبد الحميد بن جعفر الحربة، وقال: اكفنيها، فحملها ثم استعفاه منها فأعفاه؛ ووجّهه مع ابنه حسن بن محمد.
قال: وحدثني عيسى، قال: حدّثني جعفر بن عبد الله بن يزيد بن ركانة قال: بعث إبراهيم بن عبد الله إلى أخيه بِحِمْلَى سيوف، فوضعها بالمذاد، فأرسل إلينا ليلة خرج وما نكون؟ مئة رجل! وهو على حمار أعرابيّ أسود، فافترق طريقان: طريق بُطْحان وطريق بني سلمة، فقلنا له: كيف نأخذ؟ قال: عليّ بني سلمة يسلمكم الله؛ قال: فجئنا حتى صرنا بباب لمروان.
قال: وحدّثني محمد بن عمرو بن رُتبيل بن نهشل أحد بني يربوع، عن أبي عمرو المديني (١) شيخ من قريش - قال: أصابتْنا السماء بالمدينة أيامًا، فلما أقلعت خرجتُ في غبّها متمطرًا، فانتسأت عن المدينة؛ فإنّي لفي رَحْلي إذ هبط عليّ رجل لا أدري من أين أتى، حتى جلس إليّ، وعليه أطمار له درِنة وعمامة رَثَّة، فقلت له: مِنْ أين أقبلت؟ قال: من غُنَيمة لي أوصيتُ راعيَها بحاجة لي، ثم أقبلت أريد أهلي، قال: فجعلت لا أسلك من العلم طريقًا إلا سبقني إليه، وكثرني فيه، فجعلت أعجب له ولما يأتي به، قلت: ممن الرجل؟ قال: من المسلمين، قلت: أجل، فمن أيهم أنت؟ قال: لا عليك؛ ألا تريد؟ قلت: بلى عليّ ذلك، فمن أنت؟ قال: فوثب وقال:
منخرق الخُفّيْن يشكو الوجى
الأبيات الثلاثة.
قال: ثم أدبر فذهب؛ فوالله ما فات مدى بصري حتى ندمت على تركه قبل معرفته؛ فاتبعته لأسأله؛ فكأنّ الأرض التأمت عليه، ثم رجعتُ إلى رَحْلي، ثم