فخرج إلى رحله، وقال ابن زياد: والله لقد اجترأ عليّ زائدة حين يرحل إلى أمير المؤمنين حتى يأتيني بالكتاب في تخلية رجل قد كان من شأني أن أطيل حبسَه، عليّ به، فمرّ به عمرو بن نافع أبو عثمان - كاتبٌ لابن زياد - وهو يُطلَب، وقال له: النَّجاءَ بنفسك، واذكرها يدًا لي عِندَك.
قال: فخرج زائدة، فتوارى يومَه ذلك، ثمّ إنه خرج في أناس من قومه حتى أتى القعقاعَ بن شَوْر الذّهليّ، ومسلم بن عمرو الباهليّ، فأخذا له من ابن زياد الأمان (١). (٥/ ٥٧٠ - ٥٧١).
قال هشام: قال أبو مخنف: ولما كان اليوم الثالث خرج المختار إلى الحجاز، قال: فحدّثني الصقعب بن زهير، عن ابن العِرْق، مولىً لثقيف.
قال: أقبلتُ من الحجاز حتى إذا كنت بالبَسِيطةِ مِنْ وراء واقِصَة استقبلتُ المختارَ بن أبي عُبيد خارجًا يريد الحجاز حين خَلَّى سبيلَه ابنُ زياد، فلما استقبلتُه رحَّبت به، وعطفتُ إليه، فلما رأيت شتَرَ عينه استرجعتُ له، وقلتُ له بعدما توجّعت له: ما بالُ عينِك، صرف الله عنك السوءَ!
فقال: خَبَط عيني ابن الزانية بالقَضيب خبطةً صارت إلى ما ترى، فقلتُ له: ما لَه شلّت أنامِلُهُ! فقال المختار: قتلني الله إن لم أقطع أنامِلَه وأباجلَه وأعضاءَه إرْبًا إرْبًا؛ قال: فعجبتُ لمقالته، فقلت له: ما علمُك بذلك رحمك الله؛ فقال لي: ما أقول لك فاحفظْه عنّي حتى ترى مصداقَه.
قال؛ ثمّ طَفِق يسألني عن عبد الله بن الزبير، فقلت له: لجأ إلى البيت، فقال: إنما أنا عائذٌ بربّ هذه البنيّة، والناس يتحدّثون أنه يبايع سرًّا، ولا أراه إلا لو قد اشتدّت شوكته واستكثف من الرجال إلا سيُظهر الخلافَ؛ قال: أجَل، لا شكّ في ذلك، أمَا إنه رجلُ العرب اليومَ، أما إنه إنْ يخطُطْ في أثرى، ويسمعْ قولي أكفِه أمرَ الناس، وإلا يفعلَ فوالله ما أنا بدون أحد من العرب، يا بنَ العِرْق، إنّ الفتنة قد أرعدتْ وأبرقتْ، وكأنْ قد انبعثتْ فوطئت في خطامها، فإذا رأيتَ ذلك وسمعتَ به بمكان قد ظهرتُ فيه فقل: إن المختار في عصائبه من المسلمين، يطلب بدم المظلوم الشهيد المقتول بالطّفّ، سيِّد المسلمين، وابن