للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر عليّ بن محمَّد عن حفص بن عمر بن حماد، عن خالصة، قالت: دخلتُ على المنصور؛ فإذا هو يتشكَّى وجع ضِرْسه، فلما سمع حسِّي، قال: ادخلي؛ فلما دخلت إذا هو واضع يده على صُدغيه، فسكت ساعة ثم قال لي: يا خالصة، كم عندك من المال؟ قلت: ألف درهم، قال: ضعي يدلّ على رأسي واحلفي، قلت: عندي عشرة آلاف دينار، قال: احمليها إليّ، فرجعت فدخلت على المهديّ والخيزُران فأخبرتهما؛ فركلني المهديّ برجله، وقال لي: ما ذهب بك إليه! ما به من وجع؛ ولكني سألته أمس مالًا فتمارض، احملي إليه ما قلتِ؛ ففعلتْ، فلما أتاه المهديّ، قال: يا أبا عبد الله؛ تشكو الحاجة وهذا عند خالصة! (١)

وقال عليّ بن محمَّد: قال واضح مولى أبي جعفر، قال: قال أبو جعفر يومًا: انظر ما عندك من الثِّياب الخلْقان فاجمعْها، فإذا علمت بمجيء أبي عبد الله فجئني بها قبل أن يدخل؛ وليكن معها رقاع. ففعلت، ودخل عليه المهديّ وهو يقدّر الرّقاع، فضحك وقال: يا أميرَ المؤمنين، من ها هنا يقول النَّاس: نظروا في الدينار والدرهم وما دون ذلك - ولم يقل: دانق - فقال المنصور: إنَّه لا جديدَ لمن لا يصلح خلقه، هذا الشتاء قد حضر، ونحتاج إلى كسوة للعيال والولد. قال: فقال المهديّ: فعليّ كُسوة أمير المؤمنين وعياله وولده، فقال له: دونك فافعل (٢).

وذكر عليّ بن مرثد أبو دعامة الشَّاعر، أن أشجع بن عمرو السلميّ حدّثه عن المؤمَّل بن أمْيَل - وذكره أيضًا عبد الله بن الحسن الخوارزمي أن أبا قدامة حديثه أنّ المؤمل بن أميل حدّثه - قال: قدمت على المهديّ - قال ابن مرثد في خبره: وهو ولي عهد، وقال الخوارزمي: قدمت عليه الريّ وهو ولي عهد - فأمر لي بعشرين ألف درهم لأبيات امتدحته بها؛ فكتب بذلك صاحب البريد إلى المنصور وهو بمدينة السَّلام يخبره أن المهديّ أمر لشاعر بعشرين ألف درهم، فكتب إليه المنصور يعذِله ويلومه، ويقول له: إنَّما كان ينبغي لك أن تعطِيَ الشَّاعر بعد أن


(١) البداية والنهاية [٨/ ٧٥].
(٢) المصدر السابق: [٨/ ٧٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>