وذكر بشر المنجِّم، قال: دعاني أبو جعفر يومًا عند المغرب، فبعثني في بعض الأمر، فلما رجعت رفع ناحية مصلّاه فإذا دينار، فقال لي: خذ هذا واحتفظ به، قال: فهو عندي إلى الساعة.
وذكر أبو الجهم بن عطيّة، قال: حدّثني أبو مقاتل الخراسانيّ، ورفع غلام له إلى أبي جعفر أن له عشرة آلاف درهم؛ فأخذها منه، وقال: هذا مالي؛ قال: ومن أين يكون مالك؟ فوالله ما وليتُ لك عملًا قطّ، ولا بيني وبينك رحِم ولا قرابة، قال: بلَى، كنتَ تزوّجت مولاة لعُيينة بن موسى بن كعب فورّثتْك مالًا؛ وكان ذلك قد عصى وأخذ مالي وهو والٍ على السند؛ فهذا المال من ذلك المال!
وذكر مصعب بن سلّام، عن أبي حارثة النهديّ صاحب بيت المال، قال: ولَّى أبو جعفر رجلًا باروسما؛ فلما انصرف أراد أن يتعلّل عليه، لئلا يعطيَه شيئًا، فقال له: أشركتُك في أمانتي، ووليتك فيئًا من فيء المسلمين فخنتَه! فقال: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين، ما صحبني من ذلك شيء إلّا درهم، منه مثقال صررته في كمّي، إذا خرجت من صدك اكتريت به بغلا إلى عيالي، فأدخل بيتي ليس معي شيء من مال الله ولا مالك. فقال: ما أظنك إلَّا صادقًا؛ هلمَّ درهمنا. فأخذه منه فوضعه تحت لِبده؟ فقال: ما مثَلي ومثلُك إلَّا مثل مجير أم عامر، قال: وما مجير أم عامر؛ فذكر قصَّة الضبع ومجيرها، قال: وإنَّما غالطه أبو جعفر لئلا يعطيه شيئًا.
وذُكر عن هشام بن محمَّد أن قُثَم بن العباس دخل على أبي جعفر، فكلّمه في حاجة، فقال له أبو جعفر: دعني من حاجتك هذه، أخبرني لِمَ سميت قُثَم؟ قال: لا والله يا أمير المؤمنين ما أدري، قال: القُثَم الذي يأكل ويُزِلّ، أما سمعت قول الشَّاعر:
وللكُبراءِ أكلٌ كيف شاءُوا ... وللصُّغراءِ أَكلٌ واقتِثامُ
وذكر عن إبراهيم بن عيسى أنّ المنصور وهب لمحمد بن سليمان عشرين ألف درهم ولجعفر أخيه عشرة آلاف درهم، فقال جعفر: يا أميرَ المؤمنين، تفضّله عليّ وأنا أسنّ منه! قال: وأنت مثله! إنا لا نلتفت إلى ناحية إلّا وجدنا من أثر محمّد فيها شيئًا، وفي منزلنا من هداياه بقيّة، وأنت لم تفعل من هذا شيئًا.