وصرْف العهد عنه من بعده إلى غيره، أو ينتقصه شيئًا مما جعله له أمير المؤمنين هارون في حياته وصحته، واشترط في كتابه الذي كتبه عليه في البيت الحرام في هذا الكتاب. وعبد الله ابن أمير المؤمنين المصدّق في قوله، وأنتم في حلٍّ من البيعة التي في أعناقكم لمحمد ابن أمير المؤمنين هارون إن نقض شيئًا مما جعله له أمير المؤمنين هارون، وعلى محمد بن هارون أمير المؤمنين أن ينقادَ لعبد الله ابن أمير المؤمنين هارون ويسلِّم له الخلافة.
وليس لمحمد ابن أمير المؤمنين هارون ولا لعبد الله ابن أمير المؤمنين أن يخلعَا القاسم ابن أمير المؤمنين هارون، ولا يقدّما عليه أحدًا من أولادهما وقراباتهما ولا غيرهم من جميع البريّة؛ فإذا أفضت الخلافة إلى عبد الله ابن أمير المؤمنين، فالأمر إليه في إمضاء ما جعله أمير المؤمنين من العهد للقاسم بعده، أو صرف ذلك عنه إلى مَنْ رأى من ولده وإخوته، وتقديم مَنْ أراد أن يقدم قبله، وتصيير القاسم ابن أمير المؤمنين بعد مَن يقدم قبله، يحكم في ذلك بما أحبّ ورأى.
فعليكم معشرَ المسلمين إنفاذ ما كتب به أمير المؤمنين في كتابه هذا، وشرط عليهم وأمر به، وعليكم السّمع والطاعة لأمير المؤمنين فيما ألزمكم وأوجب عليكم لعبد الله ابن أمير المؤمنين، وعهد الله وذمّته وذمّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وذمم المسلمين والعهود والمواثيق التي أخذ الله على الملائكة المقرّبين والنبيين والمرسلين، ووكّدَها في أعناق المؤمنين والمسلمين، لَتَفُنَّ لعبد الله أمير المؤمنين بما سمّى، ولمحمد وعبد الله والقاسم بني أمير المؤمنين بما سمّى وكتب في كتابه هذا، واشترط عليكم وأقررتم به على أنفسكم؛ فإن أنتم بدّلتم من ذلك شيئًا، أو غيّرتم، أو نكثتم، أو خالفتم ما أمركم به أمير المؤمنين، واشترط عليكم في كتابه هذا، فبرئت منكم ذمّة الله وذمّة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - وذمم المؤمنين والمسلمين، وكلُّ مالٍ هو اليوم لكل رجل منكم أو يستفيده إلى خمسين سنة فهو صدقة على المساكين، وعلى كل رجل منكم المشي إلى بيت الله الحرام الذي بمكة خمسين حجَّة، نذرًا واجبًا لا يقبل الله منه إلا الوفاء بذلك؛ وكلّ مملوك لأحد منكم - أو يملكه فيما يستقبل إلى خمسين سنة - حرّ، وكلّ امرأة له