للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحلّ الذي قرُبتَ به من يومك، وانقرض فيما دونه أكثرُ مدّتك، لا يُنتظر بعدها إلّا ما يكون ختام عَملك من خير فيُرضَى ما تقدّم من صالح فعلك، أو خلاف فيضلّ له متقدّمُ سعيِك، وقد ترى يا أبا يحيى حالًا عليها جلوتَ أهل نعمتك، والولاة القائمة بحقّ إمامتك، من طعن في عُقدة كنتَ القائم بشدّها، وخثر بعهود توليتَ معاقد أخذها، يُبدا فيها بالأخصّين، حتى أفضى الأمر إلى العامّة من المسلمين، بالأيمان المحرّجة والمواثيق المؤكدة. وما طلع مما يدعو إلى نشر كلمة، وتفريق أمر أمة وشتّ أمر جماعة، وتتعرض به لتبديل نعمة وزوال ما وطئت الأسلافُ من الأئمة، ومتى زالتْ نعمة من ولاة أمركم وَصَل زوالها إليكم في خواصّ أنفسكم، ولن يغيِّر الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم. وليس الساعي في نشرها بِسَاعٍ فيها على نفسه دون السعْي على حَمَلتها، القائمين بحُرْمتها، قد عرضوهم أنَّ يكونوا جَزَرًا لأعدائهم، وطُعْمة قوم تتظفر مخالبهم في دمائهم. ومكانك المكان الذي إن قلتَ رُجع إلى قولك، وإن أشرتَ لم تُتّهم في نصيحتك، ولك مع إيثار الحقّ الحظوة عند أهل الحقّ. ولا سواءٌ من حَظِيَ بعاجل مع فراق الحقّ فأوبقَ نفسه في عاقبته، ومَنْ أعان الحقّ فأدرك به صلاح العاقبة، مع وفور الحظّ في عاجِلته، وليس لك ما تُسْتَدْعى ولا عليه ما تُستعْطَف، ولكنه حقّ من حقّ أحسابك يجب ثوابه على ربّك، ثم على مَنْ قمت بالحقّ فيه من أهل إمامتك، فإن أعجزَك قول أو فعل فصر إلى الدّار التي تأمن فيها على نفسك. وتحكم فيها برأيك، وتنحاز إلى مَنْ يحسن تقبلًا لصالح فعلك، ويكون مرجعَك إلى عقدك وأموالك، ولك بذلك الله، وكفى بالله وكيلًا. وإن تعذّر ذلك بقيّةً على نفسك، فإمساكًا بيدك، وقولًا بحقّ، ما لم تخف وقوعه بكُرْهك س، فلعلَ مقتديًا بك، ومغتبطًا بنهيك، ثم أعْلمْني رأيك أعرفه إن شاء الله.

قال: فأتى عليّ بالكتاب إلى محمد، فشبّ أهل النكث من الكُفاة من تلهيبة، وأوقدوا نيرانه، وأعان على ذلك حُميّا قُدرته، وتساقط طبيعتِه، وردّ الرأي إلى الفضل بن الربيع لقيامِه كان بمكانفته.

وكانت كتُبُ ذي الرياستين ترد إلى الدّسيس الذي كان يشاوره في أمره: إن أبى القوم إلا عزمة الخلاف، فألطف لأن يجعلوا أمرَه لعليّ بن عيسى. وإنّما

<<  <  ج: ص:  >  >>