للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصلوا إلى عبد الله، أذن لهم، فدفعوا إليه كتاب محمد، وما كان بعث به معهم من الأموال والألطاف والهدايا (١).

ثم تكلم العباس بن موسى بن عيسى، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الأمير، إن أخاك قد تحمّل من الخلافةِ ثقلًا عظيمًا، ومن النظر في أمور الناس عبئًا جليلًا، وقد صدقت نيّته في الخير، فأعوزه الوزراء والأعوان والكُفاة في


(١) وقال أبو حنيفة الدينوري:
ثم إن محمدًا الأمين دعا إسماعيل بن صَبِيح كاتب السِّرّ، فقال:
- ما الذي ترى يا ابن صَبيح؟
قال: أرى دَوْلَة مباركة، وخلافة مستقيمة، وأمْرًا مُقْبِلًا، فتمّم الله ذلك لأمير المؤمنين بأفضله وأجزله.
قال له محمد: إني لم أبغِكَ قاصًّا، إنما أردت منك الرَّأي.
قال إسماعيل: إنْ رَأى أمير المؤمنين أن يوضّح لي الأمر لأشير عليه بمبلغ رأي ونُصْحِي فَعَل.
قال: إني قد رأيتُ أن أعزل أخي عبد الله من خراسان، وأستعمل عليها موسى بن أمير المؤمنين.
قال إِسماعيل: أُعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن تنقض ما أسّسه الرشيد، ومهّده، وشيّد أركانه.
قال محمد: إن الرشيد مُوِّهَ عليه في أمر عبد الله بالزَّخْرَفَة، وَيْحك يا ابن صَبِيح، إن عبد الملك بن مروان كان أحزم رأيًا منك، حيث قال: "لا يجتمع فَحْلان في هَجْمَة إلا قَتَلَ
أحدهما صاحبه".
قال إسماعيل: أما إذ كان هذا رأيك، فلا تُجاهره، بل اكتب إليه، وأعلمه حاجتك إليه بالحضرة، ليُعينك على ما قلّدَك الله من أمر عباده وبلاده، فإذا قدم عليك، وفرّقت بينه وبين جنوده كسرتَ حَدّه، وظفرت به، وصار رَهْنًا في يديك، فَأئْتِ في أمره ما أردتَ.
قال محمد: أَجَدْتَ يا ابن صَبِيح، وأصبت، هذا لَعَمْرِي الرَّأْي.
ثم كتب إليه يُعلمه أن الذي قلّدَه الله من أمر الخلافة والسياسة قد أثقله، ويسأله أن يقدم عليه ليُعِينه على أموره، ويُشير عليه بما فيه مصلحته، فإن ذلك أَعْوَدُ على أمير المؤمنين من مقامه بخراسان، وأَعمرُ للبلاد، وأدَرّ للفَئْ، وأكبَتُ للعدوّ، وآمَنُ للبَيْضَة.
ثم وجّه الكتاب مع العباس بن موسى، ومحمد بن عيسى، وصالح صاحب المصلّى.
فساروا نحو خراسان، فاستقبلهم طاهر بن الحسين مُقْبِلًا من عند المأمون على وِلاية الزيّ، حتى انتهوا إلى المأمون وهو بمدينة مَرْو، فدخلوا عليه، وأوْصَلوا الكتاب إليه، وتكلّموا. [الأخبار الطوال/ ٣٩٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>