فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان وقال أبو بكر رضي الله عنه في أصحاب الصوامع دعوهم وما حبسوا أنفهسم إليه وأصحاب الصوامع هم الرهبان من النصارى والأحبار وعلماء اليهود قالوا وهم ينتفع برأيهم فالواجب جواز قتلهم وقد قال أبو بكر رضي الله عنه في الذين فحصوا أوساط رءوسهم في الكنائس أضرب ما فحصوا عنه بالسيف.
والحاصل أن من ذكر إذا لم تكن له شوكة ولا رأي لا يقتل وإن كان ينتفع برأيه ويتعرض للقتال فإنه يقتل فالمرأة والصبي يقتلان إذا قاتلا في وجه القتال وبعد أسرهما لا يقتلان والأحبار والرهبان كذلك إلا أن يكون لهما رأي ينتفع به فيكون حكمهما كالمقاتلة.
واختلف في وجه ترك قتل من ذكر فقيل لأنهم أقرب للإسلام فيتركون لما يرجى من ذلك وهذا مبني على أن القتال للكفر وقيل لأنهم لا يقاتلون بناء على أن القتل إنما هو للقتال إذ قال تعالى {وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة}[التوبة: ٣٦] وفي بعض نسخ الرسالة الأجراء بدلا من الأحبار لأن الأحبار يقتلون للانتفاع في الرأي والتحريض وكل من لا شوكة له فكالنساء والصبيان مثل الزمن والشيخ الفاني والأجير للخدمة والصانع والفلاح إذا أسروا ولم يكن منهم قتال لا يقتلون على المشهور وقال سحنون يجوز قتلهم.
(ويجوز أمان أدنى المسلمين على بقيتهم وكذلك المرأة والصبي إذا عقل الأمان).
(أدنى المسلمين) العبد ونحوه ولا خلاف في جواز تأمين الإمام وأمير الجيش مطلقا لم يلحق بأمانه ضرر للمسلمين واختلف في غيره ممن جمع شروطا خمسة الإسلام والبلوغ عقل وحرية وذكورة فالمشهور انعقاد أمانهم وفي المجنون والكافر اختلاف مشهوره خلاف الذي قبله وظاهر كلام الشيخ بل نصه أن البلوغ والذكورية ليسا بشرط وقد قال عليه السلام: " قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ" فقيل إجازة لها وقيل تقرير حكم فمن ثم جاء الخلاف في أمان المرأة هل يتوقف على الإجازة؟ وكذا غيرها أم لا؟ والله أعلم.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: " المسلمون تتكافا دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم