للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويضاهي هذا الضرب من الغش: أن يعرض التاجر سلعة، ويتفق مع آخر على أن يزيده في ثمنها، وهو لا يريد شراءها، وإنما يفعل هذا؛ ليوهم غيره أنها سلعة مرغوب فيها، فيبذل فيها ثمناً فوق ثمنها، وهذا ما يسمّى في عرف الشارع بالنجش، وهو ما نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "ولا تناجشوا".

يلحق الناس ضرر فادح من الغش في المبايعات، ويلحقهم ضرر مثله من أن يعمد متعاطي التجارة إلى الأطعمة والبضاح التي تكثر الحاجة إليها، فيحبسها عنده منتظرًا غلاءها، وذلك ما يسمى بالاحتكار، وقد كافح الإسلام هذا الشر بالزجر والوعيد البالغ، قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحتكر إلا خاطئ". وقال - عليه الصلاة والسلام -: "من احتكر على المسلمين طعامهم، ضربه الله بالجذام والإفلاس". وقال عمر بن الخطاب: "لا حُكْرة في سوقنا، لا يعمد رجال بأيديهم أذهاب، إلى رزق من رزق الله نزل بساحتنا، فيحتكرونه علينا".

ولم يختلف الفقهاء في حرمة الاحتكار في أيام العسرة والضيق، ونصوا على أن حرمة الاحتكار لا تختص بالطعام، بل تجري في كل ما يحتاج إليه الناس.

قال مالك بن أنس - رضي الله عنه -: إن الطعام وغيره من الكتان والقطن وجميع ما يحتاج إليه في حرمة احتكارها سواء.

يتوسل التجار الجشعون إلى أكل أموال الناس بالغش والخداع، ويرفعون أسعار الحاجيات من أنفسهم ليصلوا إلى أرباح وافرة، وقد أذن الشارع الحكيم في مكافحة هذا الجشع، وإماطة أذاه عن الناس، وأفتى علماؤنا بتحديد أسعار