الحاجيات على وجه يراعى فيه مصالح البائعين والمشترين.
قال القاضي أبو بكر بن العربي:"والحق التسعير، وضبط الأمر على قانون لا تكون فيه مظلمة على أحد من الطائفتين".
وطريقة التسعير على ما وصفوا: أن يجمع الحاكم وجوه أهل السوق، ويحضر غيرهم من أهل الخبرة، ويتعرف كيف يشتري أهل السوق وكيف يبيعون، ثم يقرر للأشياء أثماناً يجعل فيها للباعة من الربح ما يقوم بهم، ولا يكون فيه إجحاف بالناس.
وكان التسعير وإنفاذه في بلاد الأندلس يرجع إلى ولاية الحسبة، يقول الكاتبون في تاريخ الأندلس: يمشي المحتسب في الأسواق راكبًا، وأعوانه معه، وميزانه الذي يزن به الخبز في يد أحد الأعوان؛ لأن الخبز عندهم معلوم الأوزان، وكذلك اللحم تكون عليه ورقة بسعره، ولا يجسر الجزّار أن يبيع بأكثر مما حدّه له المحتسب في الورقة، ولا يكاد تخفى خيانته، وإذا وقف لأحد على خيانة، اشتد في عقابه، وإن أكثر ذلك منه، ولم يتب، نفاه من البلد.
وقص علينا القاضي أبو بكر بن العربي: أن الخليفة ببغداد كان إذا رفع التجار أسعار الطعام، فتح المخازن، وأذن في بيع ما فيها بأقل مما يبيع التجار، ولا يزال على هذا الحال حتى تعود الأسعار إلى أصلها، أو إلى القدر المناسب، قال: وبهذه الطريقة يغلب المحتكرين والجالبين، ويدفع عن الناس ضرراً عظيماً.
وكان العلماء بحق يدركون خطر العبث بالأسعار، والغش في المبايعات، فلا يدخرون وسعاً في وعظ التجار، وتذكيرهم بتقوى علام الغيوب، وتربيتهم