للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحسنة على منهج لا ينخرم شرط تنقيح النفس من الطباع السيئة، وترشيحها بالآداب الراقية.

ثم إن العلوم صور ترتسم في النفس بواسطة قوة نسميها بالعقل، وقد يتفق لبعض من تخلصت له مزية العقل والعلم والأدب وحسن الإرادة، أن لا يصدر عنه من العمل الصالح ما يصدر عن ذلك الرجل الذي ضربناه مثلاً. وهذا يستلفتنا لتعرف وصف آخر له مدخلٌ في إبراز المساعي الحميدة إلى طرف الوجود، وهو الاستطاعة.

فتحرر بهذا الاستقراء: أن مدار كمال الإنسان على: عقل وعلم وأدب، وإرادة واستطاعة وعمل.

* القوة العاقلة:

هي استطاعة النفس الانتفاع بالمعلومات عند الحاجة إليها. ومما لا يحتمل الشبهة: أن حصص النفوس من هذه القوة متفاوتة، فمن الناس ذكي يقرأ من صفحات الوجوه ولحظات العيون ما يكنه الرجل في خبايا سريرته. ومنهم غبي لا يصل إلى المعاني القريبة إلا بالعبارات الواضحة وإعادتها عليه مرة بعد أخرى.

لماذا ترى الرجلين استويا في مقدار ما احتسياه من لبان المعارف، وأحدهما يتناول قلمه، فيملي عليه فكره من الإفهام ما لم يروه عن معلمه، ويمسك الآخر القلم، فلا يرشح له بكلمة زائدة عما تلقاه من فم أستاذه؟.

ذلك لأن في مدرك الرجل الأول فضل قوة يحسن بها التصرف في معلوماته، وينتزع بها المعاني الغامضة من منازع بعيدة، ثم يؤلفها في صور قضايا مبتكرة؛ بخلاف عقل الثاني؛ فإنه لضعف شعوره بالمناسبات بين