{الْأَلْبَابِ}: جمع لُبّ، وهو العقل الخالص من شوائب الأوهام، أو العقل الذكي، وهو ما لا يبطئ في استبانة الحقائق، واستخراج لطائف المعاني من مكامنها.
وخص النداء بأولي الألباب، مع أن الخطاب بحكمة القصاص شامل لهم ولغيرهم؛ لأنهم الذين يتدبرون عواقب الأمور، ويعرفون قيمة الحياة، ويقدرون حِكَم التشريع قدرَها. وفي هذا النداء تنبيه على أن من ينكرون مصلحة القصاص، وأثره النافع في تثبيت دعائم الأمن، يعيشون بين الناس بعقول غير سليمة. ولا يزال الناس يشاهدون في كل عصر ما يثيره القتل في صدور أولياء القتلى من أحقاد طاغية، لولا أن القصاص يخفف من سطوتها، لتمادت بهم في تقاطع وسفك دماء دون الوقوف عند حد.
{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}:
ترد (لعل) في كلام الله مورد التعليل، وهي هنا تعليل لمعنى فهم من قوله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}. وإيضاح هذا: أن بيان حكمة القصاص ينساق منه الذهن إلى معنى شأنه أن يذكر في مجاري الاستعمال، ولكن طريقة القرآن في الإيجاز جرت على حذف ما تغني القرائن الواضحة عن ذكره، ولا يزيد التصريح به في نظم الكلام حسناً، وهذا المعنى الذي يقع في الذهن، وشأنه أن يذكر بعد بيان الحكمة، وقبل قوله:{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} يعبر عنه بلفظ: فكتبناه عليكم، أو شرعناه لكم، والمعنى: ولكم في القصاص حياة، فكتبناه عليكم؛ لتتقوا القتل حذراً من القصاص.