ومن المفسرين من جعل الآية محتملة لأن تكون في قوم لا يعرفون الله، ولا يقرون به، وهم الدهرية، وأن تكون في قوم يقرون بالخالق، وينكرون البعث، وينسبون الآفات إلى الدهر؛ لجهلهم أنها مقدَّرة من الله، وجرى على هذا أبو حيان في تفسيره "البحر".
وليس في الآية ما يدل على أن هؤلاء القوم يقرون بالإله، أو يجحدون به. فمن ذهب إلى أن موردها قوم لا يقرون بالإله، فلأن إضافة الحوادث إلى الدهر مقترنة بإنكار البعث؛ شأن الدهريين الذين ينكرون وجود الخالق -جل شأنه-" (١).
* التفسير بالعقل والنقل:
يتضح لي من خلال ما وقفتُ عليه من "أسرار التنزيل"، وبقية آثاره: أن الشيخ محمد الخضر حسين يراوح بين التفسير بالرواية (النقل)، وبين التفسير بالدراية (العقل)، ويزاوج بينهما.
١ - المراوحة بين العقل والنقل:
قال تعالى:{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة: ١٨٤].
يقول: "هذا الخطاب لمطيقي الصيام من الذين خُيروا بين الصوم والفدية، فهي من متممات قوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}[البقرة: ١٨٤].
والمعنى: أن الصوم أفضل من الفدية؛ ذلك أن الفوائد الروحية والاجتماعية التي تحصل بالصوم أرجحُ من الفوائد التي تحصل بالفدية،
(١) محمد الخضر حسين "محمد رسول الله وخاتم النبيين" (ص ٢٨ - ٢٩).