للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويصح أن تكون هذه الجملة موصولة بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣]، فيكون المراد منها: فُرض عليكم الصيام إلخ. ثم قال: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٤]؛ أي: إن الصوم من الأعمال التي تورثكم خيراً عظيماً (١).

٢ - المزاوجة بين العقل والنقل:

قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [البقرة: ١٦٤].

يقول: "لما تضمنت الآية السابقة إثباتَ وجوده تعالى، ونفيَ الإلهية عما سواه، جاءت هذه الآية التي نحن بصدد تفسيرها منبهةً لبعض الأدلة على وجوده تعالى. وقد اشتملت على آيات يخرج الناظر من التفكير فيها إلى بطلان ما يفعله طوائف من البشر من عبادة بعض المخلوقات؛ كالكواكب، والنار، والحيوان، والأحجار، بزعم أنها آلهة، أو شركاء الله في إلهيته.

وأول هذه الآيات: السموات. فقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ} السموات: جمع سماء. والسماء: كل ما علا؛ كالسقف. المراد في الآية: الأجرام المقابلة للأرض، وهي سبع كما ورد ذلك صريحاً في قوله تعالى: {خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [الطلاق: ١٢].

ذكرها القرآن هنا في جملة المصنوعات التي يجد فيها الناظر آياتٍ عظيمةً على وجود الله ووحدانيته. ونبه في آيات أخرى على بعض وجوه الاعتبار فيها؛ من نحو تزيينها بمصابيح، ورفعها بغير عمد" (٢).


(١) محمد الخضر حسين "أسرار التنزيل" (ص ٢٩٤).
(٢) محمد الخضر حسين "أسرار التنزيل" (ص ٢٥٦).