على مطالعة أمهات الكتب في التفسير وعلوم اللغة والأدب والحديث. فكان تفسيرُ "أسرار التنزيل" من التفاسير السهلة التي اعتنى فيها صاحبُها بالصور البيانية، والمحسِّنات المعنوية، برغم شغفه بالأسلوب. وابتعد فيه عن ذكر مصطلحات الفنون، والتوسع فيما لا تفهمه العامَّةُ، وهو في ذلك يتفق مع "تفسير المنار" لرشيد رضا، برغم عدم التأثر المباشر بمدرسة المنار.
وما يتميز به الخضر حسين -روَّحَ الله روحَه- من استقلال في التفسير عن بقية المفسرين، على الرغم من اعتماده على العديد من التفاسير، وما توصل إليه أصحابها، قد أظهره شديد الالتزام بتفسير القرآن بالقرآن، دون إهمال للحديث النبوي الشريف، والاعتماد على الشعر العربي.
هذه الميزة وغيرها جعلته تفسيراً عصرياً يعكس بصدق ووضوح توجهاتِ العصر، وحاجة المجتمع الإسلامي والمكتبة الإسلامية إلى هذه النوعية من التفاسير، ومن ثمَّة بدتْ علاقتُه بمعطيات عصره الثقافية والاجتماعية والسياسية وثيقةً جداً.
لذلك يمكن اعتبار "أسرار التنزيل" في منهجه المعتدل تفسيراً مثالياً بكل معاني الكلمة، وذلك في ظل الضوابط والشروط التي وضعها العلماءُ والمفسرون لبناء تفسير سليم. ويُعتبر صاحبُه من المجتهدين القلائل المعدودين في العصر الحديث ممن دَعَوْا إلى نبذ التقليد والجمود.
والمُطَّلعُ على بعض مواطن من التفسير، يلحظ -دون عناء- أن الخضر حسين قد جمع في طريقة تفسيره بين اتجاهات ثلاث، ولم يكن أسير مذهب أو مدرسة. فنجد الاتجاه اللغوي؛ إذ ركًّز على الأساس اللغوي، فتوسع لقبول