ثم قال بعد ذلك: قال الإمام: ولا خلاف أن المرأة يلزمها القضاء إذا لم تلزمها الكفارة، ولا يتحمله الزوج، فإن الكفارة إذا كانت صومًا لا يتحمل فما ظنك بالقضاء. انتهى كلامه.
وهذا الاستدلال لا يثبت للإمام ما يحاوله؛ لأنا إذا قلنا بالوجوب عليها وكانت من أهل الصوم وهو من أهل العتق، فإنه يحمل عنها الصوم بإعتاقه كما قاله الرافعي في موضعه وقد تقدم ذكره.
وإن كانا معًا من أهل الصيام ففي الاكتفاء بصومه عن صومها وجهان حكاهما القاضي الحسين في "تعليقه".
قوله في "الروضة": لو كان من لزمته الكفارة فقيرًا فهل له صرفها إلى أهله وأولاده؟ فيه وجهان: أحدهما: يجوز لحديث الأعرابي المشهور. وأصحهما: لا كسائر الكفارات.
وأما رقبة الأعرابي فلم تدفع إلى أهله عن الكفارة. انتهى.
واعلم أن الإذن للأعرابي في إطعامه لأهله رواه الشيخان (١)، وذكر الرافعي له ثلاثة تأويلات منقولة عن نصه في "الأم" فقال في الثالث منها: إنه يحتمل أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تطوع بالتكفير عنه وشرع له صرفه إلى الأهل والعيال؛ فتكون فائدة الخبر أنه يجوز للغير التطوع بالكفارة عن الغير بإذنه وأنه يجوز للمتطوع صرفه إلى أهل المكفر عنه وعياله.
هذا كلام الرافعي فيما نقله عن نصه في "الأم"، وهذا الثالث قد أسقطه النووي من "الروضة" مع أنه تؤخذ منه هذه المسألة الحسنة التي ذكرها في كلامه؛ وهي إعطاؤها لأهل الذي يكفر عنه.
(١) أخرجه البخارى (١٨٣٤) ومسلم (١١١١) من حديث أبى هريرة - رضي الله عنه -.