للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلو كان المسجد وسائر بقاع الحرم تساوي الكعبة بذلك لم يكن لتخصيصها البيت بالنذر معنى، ولأمرها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تصلي في سائر بقاع الحرم.

ولا فرق بين أن يقول عليه لله أن يصلي في المسجد الحرام أو في البيت الحرام، إذا ثبت أن البيت الحرام إنما هو الكعبة فكذلك المسجد الحرام.

وأما الآية فإنما سمى بيت خديجة بالمسجد الحرام على سبيل المجاز.

انتهى كلام صاحب "البيان". وحاصله الجزم بأن الكعبة لا يقوم غيرها مقامها سواء عبر الناذر بلفظ الكعبة أو بالبيت الحرام، وأن الظاهر عنده أن التعبير بالمسجد الحرام كالتعبير بهما حتى تتعين الكعبة أو ما في الحجر منها، فأما التعبير بالكعبة أو بالبيت فالمتجه فيه ما قاله من التعبير؛ وحينئذ تكون المراتب أربعة: الكعبة ونحوها كالبيت، ثم المسجد الحرام، ثم مسجد المدينة، ثم الأقصى.

وأما ما قاله في المسجد الحرام من إلحاقه فيدل له ما سبق قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (١)، لكن ذكر في "شرح المهذب" في تفسير الحديث ما يخالفه فقال في باب استقبال القبلة: إن المسجد الحرام قد يطلق ويراد به الكعبة والمسجد حولها، ثم جعل ذلك من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" (٢) فالذي ذكره هو الظاهر، فتلخص في المسجد الحرام المشهود له بالفضيلة ثلاث مقالات:

أحدها: ما قاله النووي وهو الكعبة والمسجد حولها.

والثاني: هذا وسائر بقاع الحرم، وهو مقام الشريف العثماني؛ ويشهد له ما نقله النووي في مناسكه عن الماوردي ولم يخالفه أن الحرم كله في المضاعفة كالمسجد.


(١) سورة البقرة (١٤٤).
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>