للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال تعالى مرغَّباً في هذه التجارة، وحاثًّا عليها بأرشق عبارة: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٥)} [آل عمران: ١١٥].

وفي قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤)} [التوبة: ٤٤]: إشارة إلى أن عماد هذه التجارة الإخلاص فيها والصِّدق، اللذان هما عبارة عن التقوى؛ لأن التقوى محلها القلب، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث رواه مسلم: " التَّقْوَىْ هَاهُنا" (١)، وأشار إلى صدره الذي هو هيكل قلبه، ولا شك أن الإخلاص والصدق هما عمدة الأفعال القلبية التي مبنى الصلاح عليها، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث "الصحيحين": "أَلا إِنَّ فِيْ الْجَسَدِ مُضْغَةً، مَتَىْ صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ" (٢).

ولذلك كان من أسئلة الصالحين طلب إصلاح القلوب.

روى ابن أبي الدنيا في كتاب "المنامات" عن صالح المُرِّي رضي الله تعالى عنه قال: كنت أقول: اللَّهُمَّ لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فناداني منادٍ من ناحية البيت: يا صالح! زدنا فيها: اللهم إليك أشكو فساد قلبي، وإياك أستعين على صلاحه (٣).

وروى الحاكم في "تاريخ نيسابور" عن عبد الله بن عمرو رضي الله


(١) رواه مسلم (٢٥٦٤).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) رواه ابن أبي الدنيا في "المنامات" (ص: ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>