ابن لبابة: القضاء-أكرمك الله- ألا يحكم بالنكاح إلا بثبات الأصل، فإن أرادا أن يثبتا النكاح فليثبتا عقد النكاح، والذي ذكرت من الصداق إذا تقارا بالحمل إنه منه فقد تقارا بالمسيس، وبالمسيس يسقط عن الزوج النقد بعد يمينه؛ لأنه بينهما كشاهد عدل مع يمينه، ثم يسقط عنه.
وأما النفقة فإذا ثبت النكاح وجبت النفقة، وإن اختلفا فيها فلابد من فرضها إن شاء الله.
قال القاضي:
إن كان هذا الجواب في طارئين في البلد كان جوابًا صحيحًا، وكذلك إن كانا من أهل البلد وكان نكاحهما فاشيًا معروفًا بموضعهما وعند جيرانهما، فإن لم يكن شيء من ذلك ولا قامت بينة على أصله فهما زانيان، إن أقر هو بمسيسها، وإن أنكر ذلك وأنكر نكاحها كانت هي الزانية دونه، وإن طلبها بقذفها إياه حكم له عليها.
وقال في الواضحة من قول مالك وأصحابه في النكاح بغير شهود: إن انتبها لذلك قبل البناء أشهد لما يستقبلان، وإن لم يشهدا حتى ابتنى بها ووقع المسيس فرق بينهما، ولم يصدقا، فإن كان أمرهما فاشيا درئ الحد عنهما، عالمين كانا أو جاهلين، وإن لم يكن أمرهما فاشيًا حدا عالمين (أ-٥٦) أو جاهلين، هكذا أوضح لي ابن الماجشون وأصبغ فيه، وهو أحسن ما سمعت.
وقال ابن القاسم: إن لم يعذرا بالجهالة حدًا وإن كان أمرهما فاشيًا، ولست أقول به ولا وجدت عالمًا يقوله غيره، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "ادرءوا الحدود الشبهات" وقد كان ابن لبابة يلزمه أن يشير إلى هذا المعنى في جوابه وينبه عليه.
امرأة طلبت زوجها بإنفاقها عليه والشهادة بعدمه ودعاوى:
قال ابن لبابة: فهمت-وفقك الله- ما ذكره ابن عبد السلام وابن سهل إذا وقفاني بما معهما من الكتب، فنظرت في ذلك فأول ما أخرجا نفقة ابنة الجملي على زوجها، وذكر أن الزوج أثبت عدمه وسألا النفقة على العدم، ويجب في ذلك أن يحلف الزوج في مقطع الحق ما له مال عرض ولا ناض، فإذا حلف فرض عليه على قدره، وقد فرضنا بمحضره ورضي وطبعت عليه.