طلب عمر بن رفاعة الشفعة على ابني أخطل وهما غائبان عن قرطبة:
قام عند ابن بقي عمر بن رفاعة فذكر له أنه غاب عن قرطبة مدة طويلة، وأن له حصة في كرمين مبلغها ثلث جميعها على الإشاعة، وأن ابنه أحمد ابتاع باقيها، ثم سلم ثلاثة أرباع مات ابتاع منها إلى أحمد ومحمد ابني عبد الله بن أخطل، وأنه يذهب إلى أخذ ما ابتاعه ابنه، وما صيره إلى أحمد ومحمد بالشفعة الواجبة له، وأثبت ملكه لثلث الكرمين على الإشاعة.
وأنه كن غائبا عن قرطبة مدة ثمانية أعوام، وأنه قدم منذ عام أو نحو متقدم لتاريخ قيامه وهو جمادي الأول سنة سبع وخمسين وأربعمائة، وأظهر إليه عقدًا بابتياع ابنه أحمد لثلثي الكرمين، وأعذر في ذلك كله إلى من وجب بعد الحيازة، وأثبت عنده مغيب أحمد ومحمد ابني عبد الله بن أخطل؛ أحمد منهما بجهة الشرق، ومحمد بشرق الأندلس، ولم يلف لهما وكيلا بقرطبة يعذر إليه، فشاور في ذلك.
فجاوب ابن عتاب:
تصفحت ما خاطبتنا به، وإذ قد ثبت عندك ما ذكرت وأعذرت فيما قد وجب الإعذار فيه؛ فالقضاء لعمر واجب، واليمين تلحقه: أنه ما ترك القيام في الأخذ بالشفعة؛ فإن كان للغائبين المستشفع منهما وكيل يقبض لهما ما يجب قبضه - أسلم ذلك إليه، وإن لم يكن لهما وكيل؛ وقفت ذلك لهما على يدي ثقة ترضاه، وترجئ الحجة جميع نظرك لهما، ولا تقطعهما، وتقيد ذلك من نظرك، موفقًا للصواب إن شاء الله - عز وجل.
وجاوب ابن القطان:
قرأت ما خاطبتنا به، ورأيت في خطابك أنه ثبت عندك أن المقضي عليهما أحمد ومحمدًا غائبان الغيبة التي ذكرت، فالذي رواه ابن القاسم عن مالك: أنه لا يحكم على غائب في دار ولا أرض ولا عقار، وقال أصبغ: إلا أن تكون غيبته بعيدة، مثل العدوة من الأندلس، ومكة من أفريقية ومكية، وأشباه ذلك.
فأرى أن يحكم عليه إذا كانت غيبة انقطاع، وإن كان إنما خرج غازيًا أو تاجرًا، وهو ينتظر؛ فلا يحكم عليه. وهو معنى ما في المدونة.
وقال بعض أصحاب مالك: إنه لا يحكم على غائب في شيء إلا من بعد ضرب الآجال على قدر مسافة البلد الذي هو به، ولا يضرب الأجل حتى تعرف الغيبة ويعرف