للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أين هو، ويكلف ذلك الخصم الذي يطلبه؛ لأن ذلك من إنجاز ما يطلب.

قال: وإن كان أعياه أمره بعد طول الاستثناء وضرب الآجال على أطراف البلدان وأقاصيها، وحيث تكون المطالب التي لها وجه، وليس أن يضرب على الصين ومرور البحار وما هو ناء من الأرض، ومنها ما يطول ويقصر، وكل يوجه الرأي فيه عند حضوره ونزوله.

وهذا القائل من أصحاب مالك ممن يرى القضاء على الغائب في الأصول وغيرها بهذا الشرط الذي ذكرت. فهذه أقوال أهل العلم مسطورة مشهورة عنهم في الكتب المعلومة، والله يحمل الكل على الصواب برحمته.

قال القاضي:

ولما بلغ ابن عتاب خلاف ابن القطان له في ذلك، استصرف الشورى، وزاد في جوابه الذي في الكتب المشهورة المعلومة إيجاب الشفعة، وإن كان الذي يستشفع عليه غائبًا، ولزمني - أيدك الله - البيان عما جاوبت به، ومن أين قلته، والنصيحة في ذلك للجميع من حكم وطالب ومطلوب لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "الدين النصيحة" قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولأئمة المسلمين وعامتهم (١) " فلزمني البيان لهذا عما جاوبت به.

وهذه المسألة في مختلطة المدونة في مواضع مكشوفة بينه منصوصة، من ذلك ما وقع فيها في باب عهدة الشفيع، وهي مسألة مطولة منع من استجلابها طولها، أوجب في جميعها الشفعة للقائم، وإن كان المستشفع منه غائبًا، وأوجب فيها البيع على الغائب لدار، ثم ختم المسألة فقال: قلت لابن القاسم: فلو أن المشتري غائب، وحضر الشفيع، أيقضى له الشفعة، والمشتري غائب. في قول مالك؟ فقال: نعم: ولا يلتفت إلى مغيب المشتري؛ لأن القضاء على الغائب جائز عند مالك، ويكون الغائب على حجته إذا قدم - وهو المسألة هي التي خوطبنا بعينها، وبها جاوبت.

وفي موضع آخر من هذا الكتاب: قلت لابن القاسم: أرأيت إن ادعى أن فلانا وكله على طلب شفعته في هذه الدار، والمشتري غائب، أيجوز ذلك ويمكن منه؟ قال: إذا أقام البينة على الوكالة أمكن من ذلك، ولم يتلفت إلى مغيب المشتري عند مالك. وهذه


(١) الحديث أخرجه البخاري معلقًا ج ١، ص ٣٠، ومسلم ج ١، ص ٧٤ برقم ٥٥.

<<  <   >  >>